07-30-10, 02:46 AM
|
|
[ الْفَارِغُونَ أَكْثَرَ ضَجِيْجَا ] مَقَالٌ رَاقٍ لِيَ فِ آقتَطَّفَتِهُ لَكُمْ د. عائض القرني إِذَا مَرَّ الْقِطَارُ وَسَمِعْتُ جَلَبَةَ لَّإِحْدَىَ عَرَبَاتِهِ فَاعْلَمْ أَنَّهَا فَارِغَةٌ، وَإِذَا سَمِعْتَ تَاجِرَا يُحَرِّجُ عَلَىَ بِضَاعَتَهُ وَيُنَادِيَ عَلَيْهَا فَاعْلَمِ أَنَّهَا كَاسِدَةٌ، فَكُلُّ فَارِغِ مِنَ الْبَشَرِ وَالْأَشْيَاءِ لَهُ جَلَبَةَ وَصَوْتُ وَصُرَاخِ، أَمَّا الْعَامِلُوْنَ الْمُثَابِرُونَ فَهُمْ فِيْ سُكُوْنٍ وَوَقَارٍ؛ لِأَنَّهُمْ مَشْغُوْلُوْنَ بِبِنَاءِ صُرُوْحَ الْمَجْدِ وَإِقَامَةِ هَيَاكِلَ الْنَّجَاحَ، إِنَّ سُنْبُلَةٍ الْقَمْحِ الْمُمْتَلِئَةُ خَاشِعَةً سَاكِنَةٌ ثَقِيْلَةً، أَمَّا الْفَارِغَةِ فَإِنَّهَا فِيْ مَهَبِّ الْرِّيحِ لِخِفَّتِهَا وطَيشَهَا، وَفِيْ الْنَّاسِ أُنَاسٌ فَارِغَوْنَ مُفْلِسُونَ أَصْفَارِ رَّسَبُوَا فِيْ مَدْرَسَةِ الْحَيَاةِ، وأَخْفِقُوا فِيْ حُقُوْلِ الْمَعْرِفَةِ وَالْإِبْدَاعٍ وَالْإِنْتَاجِ فَاشْتَغِلُوْا بِّتَشْوِيْهِ أَعْمَالِ الْنَّاجِحِينَ، فَهُمْ كَالْطِّفْلِ الْأَرْعَنُ الَّذِيْ أَتَىَ إِلَىَ لَوَحَةْ رَسَّامُ هَائِمَةُ بِالْحَسَنِ، نَاطِقَةِ بِالْجَمَالِ فَشَطَبَ مَحَاسِنَهَا وَأَذْهَبُ رَوْعَتِهَا، وَهَؤُلَاءِ الْأَغْبِيَاءُ الْكُسَالَىَ التَافِّهُونَ مَشَارِيْعِهِمْ كَلَامَ، وَحُجَجِهِمْ صُرَاخَ، وَأَدِلَّتَهُمْ هَذْيَّان لَا تَسْتَطِيْعُ أَنْ تُطْلِقَ عَلَىَ أَحَدُهُمْ لَقَبَا مُمَيِّزَا وَلَا وَصْفَا جَمِيْلَا، فَلَيْسَ بِأَدِيْبِ وَلَا خَطِيْبٌ وَلَا كَاتِبٌ وَلَا مُهَنْدِسُ وَلَا تَاجِرٍ وَلَا يُذَكِّرُ مَعَ الْمُوَظَّفِيْنَ الْرُوَّادْ، وَلَا مَعَ الْعُلَمَاءِ الْأَفْذَاذَ، وَلَا مَعَ الْصَّالِحِيْنَ الْأَبْرَارِ، وَلَا مَعَ الْكُرَمَاءِ الْأَجْوَادِ، بَلْ هُوَ صُفْرٌ عَلَىَ يَسَارِ الْرَّقْمِ، يَعِيْشُ بِلَا هَدَفٍ، وَيَمْضِيَ بِلَا تَخْطِيْط، وَيُسَيِّرُ بِلَا هِمَّةٍ، لَيْسَ لَهُ أَعْمَالٌ تُنْقَدَ، فَهُوَ جَالِسٌ عَلَىَ الْأَرْضِ وَالْجَالِسُ عَلَىَ الْأَرْضِ لَا يَسْقُطُ، لَا يُمْدَحُ بِشَيْءٍ، لِأَنَّهُ خَالٍ مِنَ الْفَضَائِلِ، وَلَا يُسَبِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُسَّادِ، وَفِيْ كُتُبِ الْأَدَبُ أَنَّ شَابّا خَامِلَا فَاشِلا قَالَ لِأَبِيْهِ: يَا أَبِيْ أَنَا لَا يَمْدَحَنِيّ أَحَدٌ وَلَا يَسُبُّنِي أَحَدٌ مِثْلَ فُلَانٍ فَمَا الْسَّبَبُ؟ فَقَالَ أَبُوْهُ: لِأَنَّكَ ثَوْرٍ فِيْ مِسْلاخِ إِنْسَانٍ، إِنَّ الْفَارِغِ الْبَلِيَّدِ يَجِدُ لَذَّةً فِيْ تَحْطِيْمِ أَعْمَالِ النَّاسّويُحسّ بِمُتْعَةِ فِيْ تَمْرِيْغُ كَرَامَةً الرُّوَّادِ، لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ مُجَارَاتِهِمْ فَفَرِحَ بِّتَهْمِيْشِ إِبْدَاعِهِمْ، وَلِهَذَا تَجِدُ الْعَامِلُ الْمُثَابِرُ الْنَّشِيْطُ مُنْغَمِسَا فِيْ إِتْقَانِ عَمَلُهُ وَتَجْوِيدِ إِنْتَاجُهُ لَيْسَ عِنْدَهُ وَقْتَ لِتَشْرِيحِ جُثَثٌ الْآَخِرِينَ وَلَا بَعْثَرَةٌ قُبُوْرِهِمْ، فَهُوَ مُنْهَمِكٌ فِيْ بِنَاءِ مَجْدِهِ وَنَسَجَ ثِيَابٌ فَضْلِهِ، إِنَّ الْنَّخْلَةِ بَاسِقَةٌ الْطَّوْلِ دَائِمَةً الْخُضْرَةِ حُلْوَةٌ الْطَّلْعَ كَثِيْرَةً الْمَنَافِعِ، وَلِهَذَا إِذَا رَمَاهَا سَفِيْهٌ بِحَجَرٍ عَادَتْ عَلَيْهِ تَمْرَا، أَمَّا الْحَنْظَلَةِ فَإِنَّهَا عَقِيّمَةُ الْثَّمَرِ، مَشْؤُوْمَةٌ الْطَّلْعَ، مَرَّةً الْطَّعْمِ، لَا مُنَظِّرَ بَهِيّجا وَلَا ثَمَرٍ نَضِيْجَا، إِنَّ الْسَّيْفَ يَقُصُّ الْعِظَامَ وَهُوَ صَامِتٍ، وَالْطَّبْلُ يَمْلَأُ الْفَضَاءِ وَهُوَ أَجْوَفُ، إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ نُصْلِحَ أَنْفُسَنَا وَنُتْقِنَ أَعْمَالُنَا، وَلَيْسَ عَلَيْنَا حِسَاب الْنَّاسِ وَالْرِّقَابَةِ عَلَىَ أَفْكَارِهِمِ وَالْحُكْمَ عَلَىَ ضَمَائِرُهُمْ، الْلَّهِ يُحَاسِبُهُمْ وَالْلَّهُ وَحْدَهُ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَعَلَانِيَتِهِمْ، وَلَوْ كُنَّا رَاشِدِيْنَ بِدَرَجَةِ كَافِيَّةٍ لَمَّا أَصْبَحَ عِنْدَنَا فَرَاغَ فِيْ الْوَقْتِ نَذْهَبِهُ فِيْ كَسْرِ عِظَامِ الْنَّاسِ وَنُشِرَ غَسِيلَهُمْ وَتَمْزِيْقِ أَكْفَانِهِمْ، التَافِّهُونَ وَحْدَهُمْ هُمْ المُنْشَغِلُونَ بِالْنَّاسِ كَالَذُّبَابِ يَبْحَثُ عَنْ الْجُرْحِ، أَمَّا الْخَيِّرَوْنَ فَأَعْمَالُهُمْ الْجَلَيْلَةِ أَشْغَلَتْهُمْ عَنْ تَوَافِهِ الْأُمُورِ كَالْنَّحْلِ مَشْغُوْلٌ بِرَحِيْقِ الْزَّهْرِ يُحَوِّلُهُ عَسَلَا فِيْهِ شِفَاءٌ لِلْنَّاسِ، إِنَّ الْخُيُولْ الْمُضْمَرَةً عِنْدَ الْسِّبَاقِ لَا تُنْصِتُ لِأَصْوَاتِ الْجُمْهُوْرُ، لِأَنَّهَا لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ لَفَشِلَتْ فِيْ سُبَّاقُها وَخَسِرَتْ فَوْزِهَا، اعْمَلْ وَاجْتَهَدَ وَأَتْقَنَ وَلَا تُصْغِ لَمْثَبِّطٍ أَوْ حَاسِدٍ أَوْ فَارِغِ. هَبَطَتْ بَعُوْضَةً عَلَىَ نَخْلَةٍ، فَلَمَّا أَرَادَتْ أَنْ تَطِيْرَ قَالَتْ لِلْنَّخْلَةِ: تَمَاسُكِيّ أَيَّتُهَا الْنَّخْلَةِ فَأَنَا سَوْفَ أَطِيْرْ، فَقَالَتْ الْنَّخْلَةِ لِلْبَعُوضَةِ: وَالْلَّهُ مَا شَعَرْتُ بِكَ يَوْمَ وَقَعَتْ فَكَيْفَ أَشْعُرُ بِكَ إِذَا طِرْتِ؟! تُدْخِلِ الْشَّاحِنَاتِ الْكُبْرَىَ عَلَيْهَا الْحَدِيْدَ وَالْجُسوُرِ وَقَدْ كَتَبُوْا عَلَيْهَا عِبَارَةٌ: خَطَرَ مَمْنُوْعٌ الاقْتِرَابَ، فَتَبْتَعِدَ التِكَاسِيّ وَالسِيَاكِلَ وَلِسَانِ حَالِهَا يُنَادِيْ: (لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)،
الْأَسَدُ لَا يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، وَالنَّمِرُ لَا يَهْجُمُ عَلَىَ الْمَرْأَةِ لَعَزَّةَ الْنَّفْسِ وَكَمَالِ الْهِمَّةِ، أَمَّا الْصَّرَاصِيَرِ وَالْجِعْلَانِ فَعَمِلَهَا فِيْ الْقُمَامَةَ وَإبْدَاعِهَا فِيْ الزُّبَالَةَ. دٌمتمٍ فِيَ حِفظّ آلرٍحَمنَ
|