border=0>
         
 

العودة   منتديات كوفي كوب Coffee cup > المقهى الأداري ~ > .. خَارِجْ عَنْ القَانُون ~

.. خَارِجْ عَنْ القَانُون ~ لـِكُل جُرم عُقوبة ,, " للمُكـررْ / واللامرغوب "

ياايها النبي اذا جاءك المؤمنات يبايعنك

اَلْحَمْدُ لِلهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآَلِهِ وَاَصْحَابِهِ وَمَنْ وَالَاهُمْ وَبَعْدُ: اَيُّهَا الْاِخْوَة: قَبْلَ الْبَدْءِ بِالْمُشَارَكَةِ: نُلْقِي اَوَّلاً ضَوْءاً سَرِيعاً عَلَى آَيَةٍ كَرِيمَةٍ مِنْ سُورَةِ التَّغَابُنِ:

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 01-09-16, 05:22 PM
رحيق مختوم
كوفي جديد
رحيق مختوم غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 8113
 تاريخ التسجيل : Apr 2013
 المشاركات : 46 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : رحيق مختوم has a little shameless behaviour in the past
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي ياايها النبي اذا جاءك المؤمنات يبايعنك



اَلْحَمْدُ لِلهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآَلِهِ وَاَصْحَابِهِ وَمَنْ وَالَاهُمْ وَبَعْدُ: اَيُّهَا الْاِخْوَة: قَبْلَ الْبَدْءِ بِالْمُشَارَكَةِ: نُلْقِي اَوَّلاً ضَوْءاً سَرِيعاً عَلَى آَيَةٍ كَرِيمَةٍ مِنْ سُورَةِ التَّغَابُنِ: وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِن( نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا رُبَّمَا يَفْهَمُ هَذِهِ الْآَيَةَ مَفْهُوماً مَغْلُوطاً ثُمَّ يَقُومُ وَيَدْعُو اِلَى مَذْهَبِ الْجَبْرِيَّةِ دُونَ اَنْ يَشْعُر! نَعَمْ اَخِي: وَالْجَبْرِيُّونَ هُمُ الَّذِينَ زَعَمُوا اَنَّ الْاِنْسَانَ لَا اِرَادَةَ وَلَا اخْتِيَارَ لَهُ فِي اَعْمَالِهِ وَاَقْوَالِهِ! بَلْ هُوَ كَالرِّيشَةِ فِي مَهَبِّ الرِّيحِ! اَوْ كَالسَّفِينَةِ فِي خِضَمِّ الْبَحْرِ! وَقَدْ عَتَتِ الْاَمْوَاجُ! وَلَايَسْتَطِيعُ الرُّبَّانُ اَنْ يُمْسِكَ بِهَا وَلَابِمِقْوَدِهَا! نَعَمْ اَخِي: وَهَذَا مَذْهَبٌ ظَهَرَ فِي الْاِسْلَامِ! وَلَكِنَّهُ خَاطِىءٌ جِدّاً، بَلْ هُوَ خَطَاٌ خَطِيرٌ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَقُلْ: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ، وَاِنَّمَا قَالَ: فَمِنْكُمْ بِالْفَاءِ، نَعَمْ اَخِي: وَفِي عَهْدِ الْجَبْرِيَّةِ فِي اَيَّامِهِمْ، وَنَحْنُ اَيْضاً فِي اَيَّامِنَا، اَعْظَمُ مَااُصِبْنَا بِهِ نَحْنُ وَهُمْ: اَنَّنَا جَمِيعاً جَهِلْنَا التَّذَوُّقَ، وَلَمْ نَشْعُرْ، وَلَمْ نَتَذَوَّقْ حَلَاوَةَ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ كَمَا سَيَاْتِي فِي نِهَايَةِ الْمُشَارَكَةِ اَيْضاً، نَعَمْ اَخِي: فَهَذِهِ اَعْظَمُ كَارِثَةٍ لِمَاذَا؟ لِاَنَّنَا صِرْنَا لَانَنْفَعِلُ بِالْقُرْآَن، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا مَنْ تَذَوَّقَ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُسْلِماً! فَاِنَّهُ يَنْفَعِلُ مَعَ الْقُرْآَن(نَعَمْ اَخِي: وَفِي طُفُولَتِي عِنْدَمَا كُنْتُ فِي بِدَايَةِ الْمَرْحَلَةِ الثَّانَوِيَّةِ فِي الصَّفِّ الْعَاشِرِ، كَانَتْ مُدَرِّسَةُ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ تَقْرَاُ اَمَامِي قَوْلَهُ تَعَالَى{(اَيَمَّا(الْاَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَاعُدْوَانَ عَلَيَّ(فَقُلْتُ لَهَا{اَيَّمَا(فَكَانَتْ مُصِرَّةً اِصْرَاراً شَدِيداً عَلَى (اَيَمَّا( الَّتِي لَانَجِدُ مَثِيلاً لَهَا فِي الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرِ الْمُتَوَاتِرَةِ اِنْ لَمْ اَكُنْ مُخْطِئَة، فَانْظُرْ اَخِي اِلَى هَذَا الْجَهْلِ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ الَّذِي نَجِدُهُ اَيْضاً عَلَى مُسْتَوىً رَاقٍ جِدّاً مِمَّنْ يَحْمِلُونَ الدُّكْتُورَاهْ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّة(نَعَمْ اَخِي: لَوْ قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ(فَمِنَ الْجَائِزِ اَنْ يَقُولَ اِنْسَانٌ مَا: اَللهُ تَعَالَى خَلَقَنَا، وَاخْتَارَ لِبَعْضِنَا الْكُفْرَ، وَاخْتَارَ لِبَعْضِنَا الْاِيمَانَ، نَعَمْ اَخِي: فَلَوْلَا وُجُودُ هَذِهِ الْفَاءِ فِي قَوْلِهِ{فَمِنْكُمْ( لَاَصْبَحَتْ هَذِهِ الْآَيَةُ مِنَ الْآَيَاتِ الْمُتَشَابِهَةِ غَيْرِ الْمُحْكَمَةِ مُوَافِقَةُ لِمَذْهَبِ الْجَبْرِيَّة، وَلَكِنْ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ اَنْ يَجِدَ الْجَبْرِيَّةُ مُسْتَنَداً اَوْ مُرْتَكَزاً لِاَقْوَالِهِمْ فِي آَيَاتِ الْقُرْآَنِ وَلَوْ كَانَتْ مُتَشَابِهَةً غَيْرَ مُحْكَمَةِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُول{فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا، لَاتَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ، ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ، وَلَكِنَّ اَكْثَرَ النَّاسِ لَايَعْلَمُونَ، مُنِيبِينَ اِلَيْهِ(وَهَذِهِ الْآَيَاتُ هِيَ مِنْ سُورَةِ الرُّومِ يَقُولُ اللهُ فِيهَا{فِطْرَةَ اللهِ( وَالْمَعْنَى: اَيُّهَا النَّاس: اِلْزَمُوا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ اللهُ فِيهَا النَّاسَ عَلَى التَّوْحِيدِ، نَعَمْ اَخِي: وَاِنَّمَا اَشْرَكُوا اَوْ ضَلُّوا؟ بِسَبَبِ مُؤَثِّرَاتٍ نَفْسِيَّةٍ اَوْ خَارِجِيَّة، وَلَكِنَّ الْحَقِيقَةَ: اَنَّ النَّاسَ جَمِيعاً مَفْطُورُونَ عَلَى الْاِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ فُطُوراً وَغَدَاءً وَعَشَاءً يَجْرِي فِي دِمَائِهِمْ مُذْ كَانُوا فِي بُطُونِ اُمَّهَاتِهِمْ، بَلْ مُذْ كَانُوا ذَرَارِي فِي اَصْلَابِ آَبَائِهِمْ، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ يَقُولُ سُبْحَانَهُ{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ *فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ(نَعَمْ اَخِي: فَهَذِهِ الْفَاءُ لَاتُسَمَّى فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ فَاءَ التَّعْقِيبِ؟ لِاَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِلتَّعْقِيبِ، فَاِنَّ الْمَعْنَى سَيَاْتِي عَلَى غَيْرِ مُرَادِ اللهِ، وَهُوَ اَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَلَقَنَا وَفَوْراً جَعَلَنَا كَافِرِينَ اَوْ مُؤْمِنِينَ، وَهَذَا يُوَافِقُ مَذْهَبَ الْجَبْرِيَّةِ، وَلِذَلِكَ لَاتُسَمَّى فَاءَ التَّعْقِيبِ، وَاِنَّمَا تُسَمَّى فَاءَ التَّفْرِيعِ، فَمَثَلاً اَخِي: اَنْتَ غَرَسْتَ الشَّجَرَةَ، فَتَفَرَّعَتْ اِلَى فُرُوعٍ: بِمَعْنَى اَنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَنَا عَلَى الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ وَغَرَسَهَا فِي قُلُوبِنَا، فَتَفَرَّعَ عَنْ ذَلِكَ: اَنَّ الْبَعْضَ كَفَرَ، وَالْبَعْضَ آَمَنَ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الَّذِي كَفَرَ مُذْ كَانَ طِفْلاً صَغِيراً، جَاءَتْهُ الشَّيَاطِينُ الْجِنِّيَّةُ وَالْاِنْسِيَّةُ كَوَالِدَيْهِ مَثَلاً، وَنَزَعَتْ مِنْ قَلْبِهِ مَاغَرَسَهُ اللهُ، كَمَا نَزَعَ اِبْلِيسُ مِنْ قَلْبِهِ مَاغَرَسَهُ اللهُ فِي قَلْبِ اِبْلِيسَ مِنْ طَاعَتِهِ سُبْحَانَهُ فِي السُّجُودِ لِآَدَمَ وَمِنْ تَوْحِيدِهِ اَيْضاً سُبْحَانَهُ مُتَمَرِّداً عَلَى الله، نعم اخي: فَلَمَّا اَصْبَحَ الَّذِي كَفَرَ شَابّاً يَانِعاً نَاضِجاً، رَفَضَ اَنْ يُعِيدَ اِلَى قَلْبِهِ مَاغَرَسَهُ اللهُ كَمَا فَعَلَ اَبُوهُ آَدَمُ مِنَ التَّوْبَةِ النَّصُوحِ بَعْدَ اَكْلِهِ مِنَ الشَّجَرَةِ الْمُحَرَّمَةِ، بَلْ فَضَّلَ اَنْ يَكُونَ مُتَمَرِّداً عَلَى اللهِ كَمَا فَعَلَ اُسْتَاذُهُ وَمُعَلِّمُهُ اِبْلِيسُ مِنْ قَبْلُ فِي تَمَرُّدِهِ عَلَى الله، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْمُؤْمِنُ: فَاِنَّهُ اسْتَغَلَّ قَوْلَهُ تَعَالَى خَيْرَ اسْتِغْلَالٍ حِينَمَا اَخْبَرَهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: لَايَغُرَّنَّكَ عَبْدِي الْمُؤْمِنَ كَيْدُ الشَّيْطَانِ وَلَاتَخَفْ مِنْهُ{اِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفَا(وَلِذَلِكَ حَاوَلَ اَنْ يَتَغَلَّبَ عَلَى كَيْدِ الشَّيْطَانِ بِكُلِّ مَااُوتِيَ مِنْ قُوَّةٍ مُحَافِظاً عَلَى مَاغَرَسَهُ اللهُ فِي قَلْبِهِ مُذْ كَانَ نُطْفَةً فِي ظَهْرِ اَبِيهِ، فَكَتَبَ اللهُ لَهُ النَّجَاحَ؟ لِاَنَّهُ يَسْتَحِقُّ النَّجَاحَ، وَاَمَّا الَّذِي يَتَمَرَّدُ عَلَى اللهِ مُتَجَاهِلاً لِلتَّوْبَةِ النَّصُوحِ وَمُتَجَاهِلاً لِمَا بَقِيَ مِنْ اَثَرٍ وَلَوْ ضَعِيفٍ لِمَا غَرَسَهُ اللهُ فِي قَلْبِهِ، فَاِنَّهُ لَايَسْتَحِقُّ هَذَا النَّجَاحَ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اَثَرَ اللهِ وَلَوْ كَانَ ضَعِيفاً، فَاِنَّهُ لَابُدَّ اَنْ يَتَغَلَّبَ عَلَى الضَّعِيفِ مِنْ كَيْدِ الشَّيْطَانِ، وَلَكِنَّ هَذَا الْاَحْمَقَ الْمَعْتُوهَ الْكَافِرَ لَا يُرِيدُ اَنْ يُنِيرَ قَلْبَهُ بِاَثَرٍ وَلَوْ ضَعِيفٍ مِنْ نُورِ الله، بَلْ يُرِيدُ اَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ قَلْبِهِ، بَلْ لَايُرِيدُ اَنْ يَبْقَى فِي قَلْبِهِ ذَرَّةٌ مِنْ اِيمَانٍ، بَلْ يُرِيدُ اَيْضاً اِطْفَاءَهُ بِنَارِ اُسْتَاذِهِ وَمُعَلِّمِهِ الشَّيْطَانِ الَّذِي يُرِيدُ بِدَوْرِهِ اَيْضاً اَنْ يُخْرِجَ اللهَ مِنْ قَلْبِهِ وَقَلْبِ تِلْمِيذِهِ وَهُوَ هَذَا الْكَافِرُ الْمَعْتُوهُ اِلَى الْاَبَد!!! نَعَمْ اَخِي: وَنَاْتِي الْآَنَ اِلَى تَكْمِلَةِ الشَّرْحِ لِلْآَيَاتِ الَّتِي بَدَاْنَا بِهَا مِنْ سُورَةِ الْمُمْتَحَنَةِ، نَعَمْ اَخِي: وَلَقَدْ وَصَلْنَا اِلَى قَوْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى{ يَااَيُّهَا النَّبِيُّ اِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى اَلَّا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً، وَلَايَسْرِقْنَ، وَلَايَزْنِينَ، وَلَايَقْتُلْنَ اَوْلَادَهُنَّ، وَلَايَاْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ اَيْدِيهِنَّ وَاَرْجُلِهِنَّ، وَلَايَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ، فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ، اِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيم(نَعَمْ اَخِي: وَفِي الْمُشَارَكَةِ السَّابِقَةِ: شَرَحَتْ لَكُمْ اُخْتِي غُصُونُ قَوْلَهُ تَعَالَى{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ(نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا فِي هَذِهِ الْمُشَارَكَةِ هُنَا{يَااَيُّهَا النَّبِيُّ اِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ(نَعَمْ اَخِي: وَطَبْعاً هَذِهِ الْآَيَةُ الْكَرِيمَةُ نَزَلَتْ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ، حِينَمَا فَتَحَ اللهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ مَكَّةَ، وَجَاءَ الرِّجَالُ فَبَايَعُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ: وَقَبْلَ اَنْ نُتَابِعَ الشَّرْحَ اُحِبُّ اَنْ اُنَبِّهَ الَّذِينَ يَجْلِسُونَ عَلَى عَامُودِ الْمَسْجِدِ اَوْ سَارِيَتِهِ، فَاِذَا شَعَرْتَ اَخِي بِالنُّعَاسِ وَاَنْتَ جَالِسٌ تَسْتَنِدُ بِظَهْرِكَ عَلَى سَارِيَةِ الْمَسْجِدِ: فَاِنَّ جُلُوسَكَ عَلَى الْعَمُودِ اَوِ السَّارِيَةِ مَكْرُوهٌ عِنْدَ اللهِ كَمَا قَالَ الْفُقَهَاءُ: بِمَعْنَى اَنَّكَ اِذَا جَلَسْتَ فِي مَكَانٍ مُرِيحٍ وَكَانَ هَذَا الْمَكَانُ سَبَباً فِي نُعَاسِكَ وَ نَوْمِكَ وَغَفْلَتِكَ عَنْ دُرُوسِ الْعِلْمِ وَعَنْ خُطْبَتَيِ الْجُمُعَةِ اَيْضاً: فَلَا يَجُوزُ لَكَ شَرْعاً اَنْ تُسْنِدَ ظَهْرَكَ عَلَى جِدَارٍ اَوْ حَائِطٍ اَوْ سَارِيَةٍ يُسَبِّبُ لَكَ النُّعَاسَ: اِلَّا اِذَا كُنْتَ مِنْ اَصْحَابِ الْاَعْذَارِ الشَّدِيدَةِ الْقَاهِرَةِ، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا مَاعَدَا ذَلِكَ: فَاِذَا كَانَ مِنْ عَادَتِكَ اَنَّكَ تَبْقَى مُتَيَقِّظاً وَصَاحِياً وَمُنْتَبِهاً وَمُرَكِّزاً عَلَى كُلِّ كَلِمَةٍ يَقُولُهَا الْاُسْتَاذُ اَوْ خَطِيبُ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ: فَلَا بَاْسَ اَنْ تَجْلِسَ وَتَسْتَرِيحَ كَمَا يَحْلُو لَكَ، نَعَمْ يَارَسُولَ الله{اِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ(وَالْمُبَايَعَةُ اَخِي هُنَا: بِمَعْنَى الْمُعَاهَدَة، وَسُمِّيَتْ مُبَايَعَةً؟ لِاَنَّهُ يَحْصَلُ بِمُوجَبِهَا تَبَادُلٌ لِلْمَنَافِعِ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ كَالْبَيْعِ تَمَاماً، نَعَمْ اَخِي: فَالْمُشْتَرِي يَدْفَعُ الثَّمَنَ، وَالْبَائِعُ يُسَلِّمُ السِّلْعَةَ: بِتَبَادُلٍ لِلْمَنَافِعِ هُنَا اَيْضاً بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ الْمُعَاهَدَاتُ وَالْمُبَايَعَاتُ: فِيهَا تَبَادُلٌ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ لِلْاَسْرَى مَثَلاً اِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْاُمُورِ، فَاَنْتُنَّ اَيُّهَا الْمُؤْمِنَاتُ كَمَا ذَكَرَتِ الْآَيَةُ: اِذَا فَعَلْتُنَّ كَذَا وَكَذَا وَكَذَا، وَانْتَهَيْتُنَّ عَنْ كَذَا وَكَذَا وَكَذَا: فَاَنْتُنَّ طَرَفٌ وَجَانِبٌ، وَاللهُ هُوَ الْجَانِبُ وَالطَّرَفُ الْآَخَرُ فِي هَذِهِ الْمُبَايَعَةِ اَوِ الْمُعَاهَدَةِ، فَاِذَا وَفَّيْتُنَّ بِبَيْعَةِ اللهِ وَعَهْدِ اللهِ تَعَالَى، وَفَّى اللهُ بِعَهْدِكُمْ عَمَلاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى{وَاَوْفُوا بِعَهْدِي اُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَاِيَّايَ فَارْهَبُونِ( نَعَمْ اَخِي: فَهَذِهِ هِيَ الْمُبَايَعَة، نَعَمْ اُخْتِي: وَكَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ اَنَّهُمْ اِذَا بَايَعُوا: اَنْ يَضَعَ اَحَدُهُمْ يَدَهُ فِي يَدِ الْآَخَرِ تَوْثِيقاً وَمُصَادَقَةً عَلَى الْعَقْدِ وَالْمُبَايَعَةِ، وَكَانُوا يَقُولُونَ: اَلْحُرُّ يُرْبَطُ بِلِسَانِهِ لَا بَيَدِهِ: بِمَعْنَى اَنَّ الْحُرَّ اِذَا اَعْطَى وَعْداً اَوْ عَهْداً، فَاِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ اَنْ يُنَفِّذَ هَذَا الْوَعْدَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَكْتُوباً فِي وَرَقَةٍ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُصَادَقاً عَلَيْهِ، وَاَمَّا فِي اَيَّامِنَا: فَمَعَ الْاَسَفِ: فَاِنَّكَ اَخِي تَرَى مِنَ الْوُعُودِ وَالْعُهُودِ الْمَكْتُوبَةِ رَسْمِيّاً وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهَا، وَمَعَ ذَلِكَ يُحَاوِلُ النَّاسُ الْمُنَافِقُونَ الْمُحْتَالُونَ الْخُبَثَاءُ بِكُلِّ طَاقَتِهِمْ وَجُهْدِهِمْ: اَنْ يَجْعَلُوهَا حِبْراً عَلَى وَرَقٍ، وَاَنْ يَتَمَلَّصُوا مِنْ هَذِهِ الْعُهُود، نَعَمْ يَارَسُولَ اللهِ:{اِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ(قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: كَانَ رَسُولُ اللهِ يُبَايِعُهُنَّ بِدُونِ مُصَافَحَةٍ، وَاَمَّا الرِّجَالُ فَكَانَ يُصَافِحُهُمْ، وَقَالَتْ كَذَلِكَ: مَامَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَ امْرَاَةٍ اَوْ كَفَّ امْرَاَةٍ لَاتَحِلُّ لَهُ، نَعَمْ اَخِي: فَكَانَتْ مُبَايَعَةُ الرِّجَالِ مَعَ الْمُصَافَحَةِ، نَعَمْ اُخْتِي: وَاَمَّا مُبَايَعَةُ النِّسَاءِ: فَلَمْ تَكُنْ مَعَ الْمُصَافَحَةِ، نَعَمْ يَارَسُولَ اللهِ:{اِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ( فَمَاهِيَ بُنُودُ هَذِهِ الْمُبَايَعَةِ اَوِ الْمُعَاهَدَة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: هِيَ سِتُّ بُنُودٍ{اَلَّا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً، وَلَايَسْرِقْنَ، وَلَايَزْنِينَ، وَلَايَقْتُلْنَ اَوْلَادَهُنَّ، وَلَايَاْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ اَيْدِيهِنَّ وَاَرْجُلِهِنَّ، وَلَايَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ(نَعَمْ اَخِي: فَهَذِهِ هِيَ بُنُودُ هَذِهِ الْمُعَاهَدَةِ السِّتَّةِ، نَعَمْ اَخِي: فَلَمَّا قَرَاَ رَسُولُ اللهِ عَلَى النَّاسِ هَذِهِ الْآَيَةَ، جَاءَتِ النِّسَاءُ، وَجَاءَتْ مَعَهُنَّ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ وَهِيَ اُمُّ مُعَاوِيَةَ وَهِيَ امْرَاَةُ اَبُو سُفْيَانَ، فَجَاءَتْ وَهِيَ مُنْتَقِبَةٌ؟ حَتَّى لَايَرَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! لِمَاذَا؟ وَهَلْ نَسِيتَ اَخِي يَوْمَ غَزْوَةِ اُحُدَ! وَمَاذَا فَعَلَتْ بِحَمْزَةَ عَمِّ رَسُولِ اللهِ! وَكَيْفَ بَقَرَتْ بَطْنَهُ! وَاَخْرَجَتِ الْكَبِدَ فَلَاكَتْهُ! فَلَمْ تَسْتَسِغْهُ! فَلَفَظَتْهُ! وَوَضَعَتْ اَمْعَاءَهُ قَلَائِدَ فِي عُنُقِهَا! وَحَتَّى اُذُنَيْهِ اَيْضاً وَضَعَتْهُمَا فِي اُذُنَيْهَا! نَعَمْ اَخِي: فَظَنَّتْ هِنْدُ بَعْدَ كُلِّ هَذَا: اَنَّ ثَاْراً لَايَزَالُ قَائِماً بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَلِذَلِكَ جَاءَتْ مُنْتَقِبَةً مُقَنَّعَةً مُتَخَفِّيَةً بِهَذَا النِّقَابِ الَّذِي وَضَعَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا، فَلَمَّا قَرَاَ الرَّسُولُ الْكَرِيمُ هَذِهِ الْآَيَةَ، قَالَتْ يَارَسُولَ اللهِ: لِمَاذَا لَمْ تُبَايِعْنَا كَمَا بَايَعْتَ الرِّجَالَ، نَعَمْ اَخِي: وَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَدْ بَايَعَ الرِّجَالَ عَلَى الْاِسْلَامِ وَالْجِهَادِ، فَقَالَتْ هِنْدُ: لِمَاذَا لَمْ تُبَايِعْنَا نَحْنُ مَعَاشِرَ النِّسَاءِ اَيْضاً عَلَى الْاِسْلَامِ وَالْجِهَادِ؟! فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهَا! نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى {يُبَايِعْنَكَ عَلَى اَلَّا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً، وَلَايَسْرِقْنَ(فَقَالَتْ هِنْدُ: يَارَسُولَ اللهِ! اَبُو سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ (بَخِيلٌ شَدِيدُ الْبُخْلِ لَايُنْفِقُ عَلَيْنَا(آَخُذُ مِنْ مَالِهِ مَايَقُوتُنِي(يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي وَيَكْسُونِي(وَاَوْلَادِي، نَعَمْ يَارَسُولَ اللهِ: فَاَنَا آَخُذُ مِنْ مَالِهِ دُونَ اَنْ يَشْعُرَ؟ مِنْ اَجْلِ حَاجَتِي وَحَاجَةِ اَوْلَادِي، نَعَمْ اَخِي: وَكَانَ اَبُو سُفْيَانَ قَرِيباً مِنْهَا، فَقَالَ لَهَا: هِيَ لَكِ حَلَالٌ، نَعَمْ اَخِي: فَلَمَّا قَالَ لَهَا اَبُو سُفْيَانَ ذَلِكَ، عَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اَنَّهَا هِنْدُ! فَقَالَ لَهَا: اَهِنْدُ بِنْتُ عُتْبَة! قَالَتْ: نَعَمْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ يَارَسُولَ الله! عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَف، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَف! عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام! فَانْظُرْ اَخِي اِلَى هَذَا الْخُلُقِ الْعَظِيمِ فِي رَسُولِ الْاِسْلَامِ وَفِي الْاِسْلَامِ الَّذِي يَجُبُّ مَاقَبْلَهُ فِي كُلِّ الْجَرَائِمِ الَّتِي ارْتَكَبَتْهَا هِنْدُ وَالَّتِي عَفَا اللهُ عَنْهَا بِمُجَرَّدِ اِسْلَامِهَا! بَلْ اَعْطَاهَا الْاِسْلَامُ وَزَوْجَهَا اَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ! فَصَارَ بَيْتُ اَبُو سُفْيَانَ مَرْكَزَ اَمَانٍ! بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:[ مَنْ دَخَلَ دَارَ اَبُو سُفْيَانَ فَهُوَ آَمِنٌ!( نَعَمْ اَخِي: وَكَانَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ قَوِيَّةً، وَكَانَتْ تَتَحَكَّمُ بِزَوْجِهَا! وَكَانَ زَوْجُهَا يَخَافُ مِنْهَا! وَلِذَلِكَ حِينَمَا اَسْلَمَ اَبُو سُفْيَانَ قَالَ: اَيُّهَا النَّاسُ: يَقُولُ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ دَخَلَ دَارَ اَبُو سُفْيَانَ فَهُوَ آَمِنٌ، فَخَرَجَتْ هِنْدُ وَاَخَذَتْ بِشَنَبِهِ الْكَبِيرِ! وَلَفَّتْهُ بِيَدِهَا الْيُمْنَى! وَقَالَتْ: قَبَّحَكَ اللهُ مِنْ طَلِيعَة(أَيْ اَنَّ طَالِعَكَ هُوَ طَالَعُ سُوءٍ: كَمَا كَانَ اَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَشَاءَمُونَ اَوْ يَتَفَاءَلُونَ حِينَمَا يَقْرَؤُونَ مَايُسَمَّى بِالطَّالِعِ كَمَا فِي اَيَّامِنَا اَيْضاً، فَجَاءَ الْاِسْلَامُ اَخِي: وَاَمَرَ اَتْبَاعَهُ اَنْ يَبْقَوْا مُتَفَائِلِينَ بِرَحْمَةِ اللهِ فِي كُلِّ اَحْوَالِهِمْ مِنْ خَيْرٍ اَوْ شَرٍّ اَصَابَهُمْ، وَلَكِنْ مَعَ ذَلِكَ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ النَّعْرَةِ الْجَاهِلِيَّةِ الْخَبِيثَةِ الْمُتَشَائِمَةِ عِنْدَ الْبَعْضِ مِمَّنْ اَسْلَمَ مُتَاَخِّراً كَهِنْدٍ مَثَلاً فَقَالَتْ( لَاتُصَدِّقُوا هَذَا الزِّقَّ الْمُنْتَفِخَ! فَكَيْفَ يَسَعُ بَيْتُكَ النَّاسَ! نَعَمْ اَخِي: وَالرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يَقُلْ لَهُ بَيْتُكَ فَقَطْ يَااَبَا سُفْيَانَ، وَكَانَ يَعْلَمُ اَنَّ بَيْتَهُ فَقَطْ لَايَسَعُ النَّاسَ، وَاِنَّمَا قَالَ لَهُ وَلِلنَّاسِ: مَنْ دَخَلَ بَيْتَ اللهِ الْحَرَامَ فَهُوَ آَمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ اَبُو سُفْيَانَ فَهُوَ آَمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ بَيْتَهُ وَاَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُوَ آَمِنٌ، لَكِنَّ اَبَا سُفْيَانَ لَمْ يَذْكُرْ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللهِ اَمَامَ النَّاسِ اِلَّا بَيْتَهُ فَقَطْ لِمَاذَا؟ حَتَّى يَبْقَى لَهُ هَذَا الْفَخْرُ وَحْدَهُ فَقَطْ، نَعَمْ اَخِي: وَلَكِنَّ زَوْجَتَهُ هِنْداً قَالَتْ: اُقْتُلُوا هَذَا الزِّقَّ الْمُنْتَفِخَ! نَعَمْ اَخِي: وَكَلِمَةُ الزِّقِّ: هِيَ الضَّرْفُ الْمُنْتَفِخُ الَّذِي كَانُوا يَضَعُونَ فِيهِ الزَّيْتَ اَيَّامَ زَمَان، وَكَانَ اَبُو سُفْيَانَ لَهُ بَطْنٌ كَبِيرٌ مُنْتَفِخٌ يُشْبِهُ هَذَا الضَّرْفَ، فَشَبَّهَتْ هِنْدُ بَطْنَ زَوْجِهَا بِهَذَا الضَّرْفِ، وَلِذَلِكَ قَالَتْ: اُقْتُلُوا هَذَا الزِّقَّ الْمُنْتَفِخَ؟ تَشْبِيهاً لِبَطْنِهِ بِهَذَا الضَّرْفِ، فَقَالَ لَهَا مِنْ خَوْفِهِ الشَّدِيدِ مِنْهَا: لَا بَلْ قَالَ رَسُولُ اللهِ: مَنْ دَخَلَ بَيْتِي فَهُوَ آَمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ بَيْتَ اللهِ الْحَرَامَ اَوِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ اَوْ دَخَلَ دَارَهُ وَاَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُوَ آَمِنٌ، نَعَمْ اَخِي: فَكَانَتْ شَخْصِيَّتُهَا قَوِيَّةٌ، وَكَانَ يَهَابُهَا حَتَّى الرِّجَال! نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ قَرَاَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى النَّاسِ قَوْلَهُ تَعَالَى{وَلَايَزْنِينَ( فَقَالَتْ هِنْدُ: اَوَ تَزْنِي الْحُرَّةُ يَارَسُولَ الله! وَهَلِ امْرَاَةٌ عِنْدَهَا كَرَامَةٌ مُمْكِنْ اَنْ تُبَاشِرَ هَذِهِ الْجَرِيمَة! فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ ثُمَّ قَرَاَ عَلَى النَّاسِ{وَلَايَقْتُلْنَ اَوْلَادَهُنَّ(نَعَمْ اَخِي: وَكَانَتْ بَعْضُ الْقَبَائِلِ الْعَرَبِيَّةِ تَقْتُلُ اَوْلَادَهَا! اِمَّا لِلْعَارِ: كَمَا كَانُوا يَقْتُلُونَ الْبَنَاتِ فِي بَعْضِ الْقَبَائِلِ! وَاِمَّا خَوْفاً مِنَ الْفَقْرِ!: فَكَانُوا يَقْتُلُونَ الذُّكُورَ وَالْاِنَاثَ؟ مِنْ اَجْلِ الْفَقْرِ! فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَلَايَقْتُلْنَ اَوْلَادَهُنَّ(أَيْ لَاتَكُونُ الْاُمُّ سَبَباً فِي قَتْلِ وَلَدِهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ، بِاِلْحَاحِهَا عَلَى زَوْجِهَا فِي مُطَالَبَتِهِ بِلُقْمَةِ عَيْشِهَا وَعَيْشِ اَوْلَادِهَا مُحَمِّلَةً اِيَّاهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ وَلَاجَنِيناً وَهُوَ فِي رَحِمِ اُمِّهِ، بَلْ عَلَيْهَا وَعَلَى زَوْجِهَا اَيْضاً اَنْ يَجِدَا اِلَى لُقْمَةِ الْعَيْشِ سَبِيلاً عَلَى ضَوْءِ قَوْلِهِ تَعَالَى{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ(فَاِذَا وَسَّعَ اللهُ عَلَى زَوْجِهَا فِي الْعَطَاءِ وَالْمَالِ وَالرِّزْقِ، فَلْيُوَسِّعْ زَوْجُهَا اَيْضاً عَلَيْهَا وَعَلَى اَوْلَادِهَا، وَلَكِنْ{مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ(أَيْ ضُيِّقَ عَلَيْهِ فِي الرِّزْقِ أَيْ ضَيَّقَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الرِّزْقِ وَالْعَطَاءِ{فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللهُ(وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ لَايَمْلِكُ غَيْرَهَا{لَايُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً اِلَّا مَاآَتَاهَا، سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرَا(َنَعَمْ اَخِي: ثُمَّ قَرَاَ رَسُولُ اللهِ{وَلَايَاْتِينَ بِبُهْتَانٍ(وَالْبُهْتَانُ هُوَ اَشَدُّ اَنْوَاعِ الْكَذِبِ الَّذِي{يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ اَيْدِيهِنَّ وَاَرْجُلِهِنَّ(بِمَعْنَى اَنْ تَاْتِيَ الْمَرْاَةُ بِوَلَدٍ لَقِيطٍ وَتَزْعُمُ اَنَّهُ ابْنُ زَوْجِهَا سَوَاءً كَانَ هَذَا الْوَلَدُ مِنْ زِنَاهَا وَخِيَانَتِهَا لِزَوْجِهَا، اَوْ مِنْ غَيْرِهَا مِنَ الْاُمَّهَاتِ الْخَائِنَاتِ، اَوْ كَانَ وَلَداً شَرْعِيّاً مِنْ غَيْرِهَا مِنَ الْاُمَّهَاتِ اَيْضاً، وَالْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْآَيَةِ: هُوَ اَنْ تَرْتَكِبَ جَرِيمَةَ الزِّنَى مَعَ رَجُلٍ آَخَرَ غَيْرِ زَوْجِهَا الْحَلَالِ، ثُمَّ تَاْتِيَ مِنْهُ بِوَلَدٍ مِنَ الزِّنَى، ثُمَّ تَاْتِيَ بِهَذَا الْوَلَدِ وَتَقُولَ لِزَوْجِهَا: هَذَا ابْنِي مِنْكَ اَوْ هَذَا ابْنُكَ! فَهَذَا مِنْ اَكْبَرِ الْبُهْتَانِ وَالْكَذِبِ، نَعَمْ اَخِي: وَبَعْضُ النَّاسِ فِي اَيَّامِنَا يَلْجَاُ اِلَى شِبْهِ ذَلِكَ مِنَ الْبُهْتَانِ وَالْكَذِبِ! كَمَا تَاْتِينَا دَائِماً بَعْضُ الْاَسْئِلَةِ وَفِيهَا: اَنَّ رَجُلاً مُتَزَوِّجٌ مِنِ امْرَاَة، وَهَذِهِ الْمَرْاَةُ لَاتُنْجِبُ، وَلَكِنَّهُ هُوَ قَابِلٌ لِلْاِنْجَابِ اَوْ قَادِرٌ عَلَى الْاِنْجَابِ، فَيَتَزَوَّجُ مِنِ امْرَاَةٍ اُخْرَى، وَيَشْتَرِطُ عَلَى هَذِهِ الْمَرْاَةِ الْاُخْرَى الَّتِي تَزَوَّجَهَا حِينَمَا تُرْزَقُ وَلَداً: اَنْ يُنْسَبَ مِنْ نَاحِيَةِ الْاُمِّ اِلَى امْرَاَةِ اَبِيهِ وَهِيَ زَوْجَتُهُ الْاُولَى الَّتِي لَاتُنْجِبُ! فَهَلْ هَذَا حَرَامٌ اَوْ حَلَالٌ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: بَلْ هَذَا مِنْ اَكْبَرِ الْحَرَامِ وَالْبُهْتَان، وَيَالَطِيف! وَالْعَيَاذُ بِاللهِ مِنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ الشَّيْطَانِيَّةِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّهَا تَجْعَلُ الْمُحَرَّمَاتِ مُحَلَّلَاتٍ، وَتَجْعَلُ الْمُحَلَّلَاتِ مُحَرَّمَاتٍ، وَتَحْرِمُ مِنَ الْمِيرَاثِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا نَتَائِجُ وَخِيمَةٌ لَاحَدَّ لَهَا وَلَاحَصْرَ، وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ مَالَايَعْلَمُهُ اِلَّا اللهُ مِنَ الْفَسَادِ فِي الْاَرْضِ {وَاللهُ لَايُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ( لِمَاذَا؟ لِاَنَّ هَذَا الْوَلَدَ اِذَا كَانَ اُنْثَى: فَاِذَا مَاتَتْ اُمُّهَا الْمَزْعُومَةُ الَّتِي لَاتُنْجِبُ، فَاِنَّ هَذِهِ الْاُنْثَى تَحْجُبُ جَمِيعَ اَخَوَاتِ الْاُمِّ الْمَزْعُومَةِ وَاِخْوَتِهَا عَنِ الْمِيرَاثِ حَجْبَ نُقْصَانٍ وَفِي هَذَا ظُلْمٌ كَبِيرٌ لِاْخَوَتِهَا وَاَخَوَاتِهَا لَايَرْضَاهُ اللهُ، وَاَمَّا اِذَا كَانَ هَذَا الْوَلَدُ ذَكَراً: فَاِذَا مَاتَتْ اُمُّهُ الْمَزْعُومَةُ الَّتِي لَاتُنْجِبُ: فَاِنَّهُ يَحْجُبُ جَمِيعَ اِخْوَتِهَا وَاَخَوَاتِهَا عَنِ الْمِيرَاثِ حَجْبَ حِرْمَانٍ، وَفِي هَذَا ظُلْمٌ اَكْبَرُ لِاِخْوَتِهَا وَاَخَوَاتِهَا لَايَرْضَاهُ اللهُ اَيْضاً لِمَاذَا؟ لِاَنَّ هَذَا الْوَلَدَ الْمَزْعُومَ لِغَيْرِ اُمِّهِ، يُؤَدِّي بِاَبِيهِ اِلَى التَّلَاعُبِ بِالْمِيرَاثِ وَالتَّعَدِّي عَلَى الْحُدُودِ الْمِيرَاثِيَّةِ الَّتِي حَدَّدَهَا اللهُ وَتَخَطِّيهَا، وَيُؤَدِّي بِالْاَبِ الظَّالِمِ وَالْاُمِّ الْمَزْعُومَةِ الظَّالِمَةِ اِلَى الدُّخُولِ فِي مَحْظُورٍ خَطِيرٍ جِدّاً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي نِهَايَةِ آَيَاتِ الْمِيرَاثِ{وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِين(نَعَمْ اَخِي: فَكَمَا اَنَّ الرَّجُلَ لَايَجُوزُ لَهُ شَرْعاً اَنْ يَتَبَنَّى أَيَّ اِنْسَانٍ وَاَنْ يُلْحِقَهُ بِهِ اَوْ بِنَسَبِهِ، فَكَذَلِكَ اَيْضاً لَايَجُوزُ شَرْعاً اَبَداً اَنْ يُلْحَقَ الْوَلَدُ بِغَيْرِ اُمِّه، لَكِنْ اِذَا اَرَادَتْ هَذِهِ الَّتِي لَاتُنْجِبُ اَنْ تُشَارِكَ اُمَّهُ الْحَقِيقِيَّةَ فِي تَرْبِيَتِهِ وَالْعَطْفِ عَلَيْهِ وَالْحَنَانِ فَلَامَانِعَ شَرْعِيّاً مِنْ ذَلِكَ بَلْ بِاِمْكَانِهَا اَيْضاً اَنْ تُوصِيَ لَهُ قَبْلَ وَفَاتِهَا مِنْ اَمْوَالِهَا وَصِيَّةً لَاتَتَجَاوَزُ الثُّلُثَ مِنْ هَذِهِ الْاَمْوَالِ وَالتَّرِكَةِ مَعاً، وَاَمَّا مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَهُوَ حَرَامٌ شَرْعاً، نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى{وَلَايَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوف( فَقَالَتْ لَهُ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ: مَاجِئْنَا اِلَيْكَ لِنَعْصِيَكَ، وَاِنَّمَا جَاءَتِ النِّسَاءُ هُنَا؟ مِنْ اَجْلِ اَنْ تَسْتَمِعَ اِلَيْكَ وَاَنْ تَسْتَجِيبَ لَكَ يَارَسُولَ الله، نَعَمْ اَخِي: وَلَمْ تَتْرُكْ هِنْدُ لِرَسُولِ اللهِ مَجَالاً دُونَ اَنْ تُعَلِّقَ عَلَى كُلِّ كَلِمَةٍ يَقُولُهَا، وَلَكِنَّهَا تَعْلِيقَاتٌ بَنَّاءَةٌ لَاتَخْلُو مِنَ الْخَيْرِ، نَعَمْ اَخِي{وَلَايَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ(بِمَعْنَى لَايَعْصِينَكَ يَارَسُولَ اللهِ فِي مَعْرُوفٍ، نَعَمْ اَخِي: وَهُنَا وَقْفَةٌ لَابُدَّ مِنْهَا مَعَ هَذِهِ الْآَيَةِ الْمُتَشَابِهَةِ الْمُشْكِلَةِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ جَاهِلاً رُبَّمَا يَفْهَمُ مِنْهَا مَايُسَمَّى مَفْهُومَ الْمُخَالَفَةِ: وَهُوَ اَنَّ عَلَى هَؤُلَاءِ النِّسْوَةِ اَنْ يَعْصِينَ رَسُولَ اللهِ فِي غَيْرِ مَعْرُوفٍ عَمَلاً بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام [لَاطَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ( حَتَّى وَلَوْ كَانَ هَذَا الْمَخْلُوقُ رَسُولَ اللهِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ قَائِلاً لَابُدَّ اَنْ يَقُولَ وَيَتَسَاءَلَ؟ وَهَلِ الرَّسُولُ يَاْمُرُ اِلَّا بِالْمَعْرُوف! وَهَلِ الرَّسُولُ يَنْهَى عَنْ غَيْرِ الْمُنْكَر! وَهَلْ يَنْهَى عَنِ الْمَعْرُوف! بِمَعْنَى وَهَلِ الرَّسُولُ يَنْهَى اِلَّا عَنِ الْمُنْكَرِ! وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ بِسُؤَالٍ مُعَقَّدٍ وَاَصْعَبَ مِنْ هَذَا السُّؤَالِ: وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ بَعْضِ الرُّسُلِ{قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَاتَصِفُون( وَنَقُولُ لِهَؤُلَاءِ الرُّسُلِ: وَهَلِ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَحْكُمُ بِغَيْرِ الْحَقِّ! بِمَعْنَى وَهَلِ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَحْكُمُ اِلَّا بِالْحَقِّ! وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ اَوّلاً: لَايُوجَدُ مَايُسَمَّى بِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ فِي هَاتَيْنِ الْآَيَتَيْنِ، لَا عَلَى اللهِ، وَلَا عَلَى رَسُولِهِ اَبَداً، اِلَّا عَلَى مَنْ يَاْتِي بَعْدَ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ اَوْلِيَاءِ الْاُمُورِ وَمِنَ الْعُلَمَاءِ وَرَثَةِ الْاَنْبِيَاء، فَهَؤُلَاءِ يَسْرِي عَلَيْهِمْ وَيَجْرِي فِي حَقِّهِمْ مَايُسَمَّى بِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ هَذَا لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُمْ رُبَّمَا يَاْمُرُونَ بِغَيْرِ مَعْرُوفٍ وَيَنْهَوْنَ عَنْ غَيْرِ مُنْكَرٍ، بِمَعْنَى اَنَّهُمْ رُبَّمَا يَفْعَلُونَ فِعْلَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ {يَاْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ( وَلِذَلِكَ يَجْرِي فِي حَقِّهِمْ وَيَسْرِي عَلَيْهِمْ كَمَا يَسْرِي عَلَى الْوَالِدَيْنِ اَيْضاً قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ[لَاطَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ الْخَالِقِ(نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ فَاِنَّ مَنْ يَاْتِي بَعْدَ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَجِبُ طَاعَتُهُمْ فِي الْمَعْرُوفِ، وَلَاتَجُوزُ طَاعَتُهُمْ فِي الْمُنْكَرِ، نَعَمْ اَخِي: فَاِذَا اُمِرَ الْمُؤْمِنُ بِالْمَعْصِيَةِ مِنْ أَيِّ اِنْسَانٍ كَائِناً مَنْ كَانَ مِنْ وَالِدَيْهِ اَوْ مِنْ وَلِيِّ اَمْرِهِ، اَوْ مِنْ شَيْطَانِهِ الرَّجِيمِ اَوْ مِنْ نَفْسِهِ الْاَمَّارَةِ بِالسُّوءِ وَالْهَوَى الشَّيْطَانِيِّ فَلَايَجُوزُ لَهُ اَنْ يُطِيعَ هَؤُلَاءِ جَمِيعاً، مَهْمَها زَيَّنُوا لَهُ هَذِهِ الْمَعْصِيَةَ وَحَسَّنُوهَا وَجَمَّلُوهَا فِي نَاظِرَيْهِ اِلَّا فِيمَا يَاْمُرُونَهُ مِنْ طَاعَةِ اللهِ(* فَاِذَا اَطَاعَهُمْ فِي مَعْصِيَةٍ فَلَيْسَ لَهُ اِلَّا التَّوْبَةُ النَّصُوحُ الَّتِي يَغْفِرُ اللهُ بِهَا الذُّنُوبَ جَمِيعاً، لَكِنْ عَلَيْهِ اَنْ يَتَحَمَّلَ تَبِعَاتِ مَعْصِيَتِهِ وَتَدَاعِيَاتِهَا اَمَامَ الْقَانُونِ الَّذِي رُبَّمَا يَعْفُو عَنْهُ اِذَا عَفَا عَنْهُ اَهْلُ الْقَتِيلِ، وَرُبَّمَا يَجْلِبُ لَهُ الْقِصَاصَ اِذَا طَالَبَ اَهْلُ الْقَتِيلِ بِقِصَاصِهِ، لَكِنْ عَلَى اَهْلِ الْقَتِيلِ اَنْ يَكُونُوا عَلَى حَذَرٍ شَدِيدٍ مِنْ مَزِيدٍ مِنْ اِرَاقَةِ الدِّمَاءِ فِي بَعْضِ الْمُجْتَمَعَاتِ، فَاِذَا اَصَرُّوا عَلَى الْقِصَاصِ وَتَجَاهَلُوا مَاشَرَعَ اللهُ مِنَ الدِّيَةِ وَالْعَفْوِ، فَهَؤُلَاءِ مِمَّنْ قَالَ رَسُولُ اللهِ فِيهِمْ[هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ(نَعَمْ اَخِي: وَالْمُتَنَطِّعُونَ هُمُ الْمُتَشَدِّدُونَ وَالْمُتَزَمِّتُونَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ(وَهُوَ مَاشَرَعَ اللهُ مِنَ الْقِصَاصِ{وَيَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ(وَهُوَ مَاشَرَعَ اللهُ مِنَ الدِّيَةِ وَالْعَفْوِ{فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْهُمْ اِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ اِلَى اَشَدِّ الْعَذَابِ، وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُون(فَاِذَا كَانَ الْقِصَاصُ فِي بَعْضِ الْمُجْتَمَعَاتِ يُؤَدِّي اِلَى مَزِيدٍ مِنْ اِرَاقَةِ الدِّمَاءِ وَسَفْكِهَا، فَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ(أَيْ حَيَاةٌ وَاحِدَةٌ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ فَقَطْ رُبَّمَا يَنْجُو مِنْ تَدَاعِيَاتِ هَذَا الْقِصَاصِ الْخَطِيرَةِ فِي بَعْضِ الْمُجْتَمَعَاتِ، وَلَكِنَّ هَذِهِ الْحَيَاةَ لَاتَكْفِي لِبَقَاءِ الْجَمِيعِ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ، وَلِذَلِكَ شَرَعَ اللهُ الْعَفْوَ وَالدِّيَةَ؟ مِنْ اَجْلِ بَقَاءِ الْجَمِيعِ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاة، نَعَمْ اَخِي: وَنَحْنُ لَانُنْكِرُ اَنَّ كَلِمَةَ حَيَاةٍ هُنَا جَاءَتْ فِي سِيَاقِ النَّكِرَةِ فِي الْآَيَةِ، وَنَحْنُ لَانُنْكِرُ اَنَّ النَّكِرَةَ تُفِيدُ تَعْظِيمَ هَذِهِ الْحَيَاةِ، وَلَكِنَّ الْحَيَاةَ مَهْمَا كَانَتْ عَظِيمَةً فِي هَذِهِ الْآَيَةِ، فَاِنَّهَا لَاتَخْلُو مِنْ مَخَاطِرَ هَائِلَةٍ فِي بَعْضِ الْمُجْتَمَعَاتِ الَّتِي لَمْ تَتَعَوَّدْ عَلَى الْقِصَاصِ وَالَّتِي تُطَالِبُ فِي اَيَّامِنَا بِاِلْغَاءِ حُدُودِ اللهِ وَالْعَيَاذُ بِالله، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ نَحْنُ نَقُولُ: اَنَّ النَّكِرَةَ كَمَا تُفِيدُ التَّعْظِيمَ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، فَاِنَّهَا اَيْضاً تُفِيدُ الْمَجْهُولَ، وَلِذَلِكَ فَاِنَّ هَذِهِ الْآَيَةَ كَمَا تَحْتَمِلُ تَعْظِيمَ هَذِهِ الْحَيَاةِ، فَاِنَّهَا اَيْضاً تَحْتَمِلُ اَنَّ اللهَ اَرَادَ بِهَا حَيَاةً مَجْهُولَةً تَجْلِبُ لَنَا الْخَوْفَ مِنَ الْمَجْهُولِ اِذَا اَصَرَّ اَهْلُ الْقَتِيلِ عَلَى الْقِصَاصِ فِي هَذِهِ الْمُجْتَمَعَاتِ الَّتِي لَيْسَتْ جَاهِزَةً بَعْدُ لِلتَّعَامُلِ مَعَ حُدُودِ اللهِ بِجِدِّيَّةٍ وَمِنْهَا الْقِصَاصُ الَّذِي لَمْ يُضَيِّقِ اللهُ بِهِ عَلَيْنَا كَمَا ضَيَّقَ بِهِ عَلَى آَخَرِينَ مِنْ قَبْلِنَا حِينَمَا اَلْزَمَهُمْ بِالْقِصَاصِ، بَلْ شَرَعَ سُبْحَانَهُ الْعَفْوَ وَالدِّيَةَ كَمَا شَرَعَ الْقِصَاصَ، وَلِذَلِكَ فَاِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ كَمَا ذَكَرْنَا لَكُمْ فِي مُشَارَكَاتٍ سَابِقَةٍ ايها الاخوة: هُوَ كَالصَّيْدَلِيَّةِ الَّتِي يَجِبُ عَلَى الطَّبِيبِ الْمُفْتِي وَالْعَالِمِ الْعَلَّامَةِ: اَنْ يَكُونَ عَلَى حَذَرٍ شَدِيدٍ حِينَمَا يُرْشِدُ النَّاسَ اِلَى دَوَائِهَا، فَاِذَا وَصَفَ لَهُمْ دَوَاءً شَدِيداً مِنَ الْقِصَاصِ ذُو عِيَارٍ ثَقِيلٍ وَمَفْعُولٍ قَوِيٍّ: فَاِنَّهُ رُبَّمَا يَنْجَحُ فِي بَعْضِ الْمُجْتَمَعَاتِ نَجَاحاً سَاحِقاً بَاهِراً عَظِيماً، وَرُبَّمَا يَنْجَحُ فِي بَعْضِ الْمُجْتَمَعَاتِ الْاُخْرَى نَجَاحاً جُزْئِيّاً تَكُونُ لَهُ عَوَاقِبُ بَسِيطَةٌ، لَكِنْ رُبَّمَا يَكُونُ لَهُ فِي بَعْضِ الْمُجْتَمَعَاتِ تَدَاعِيَاتٌ خَطِيرَةٌ وَعَوَاقِبُ وَخِيمَةٌ مِنَ الْاَعْرَاضِ الْجَانِبِيَّةِ الْمُؤَثِّرَةِ الَّتِي لَايُمْكِنُ عِلَاجُهَا اِلَّا بِمَا شَرَعَ اللهُ مِنَ الْعَفْوِ وَالدِّيَةِ(* نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ جَاءَتْ بَلَاغَةُ قَوْلِهِ تَعَالَى الْاِعْجَازِيَّةُ فِي قَوْلِهِ{وَلَايَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ(لِتَشْمَلَ مَنْ جَاءَ بَعْدَكَ اَيْضاً يَارَسُولَ اللهِ، فَاِذَا اَمَرَهُمْ مَنْ جَاءَ بَعْدَكَ بِمُنْكَرٍ وَنَهَاهُمْ عَنْ مَعْرُوفٍ، فَلَا يُطِيعُونَهُ، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: فَهُوَ مَعْصُومٌ عَنْ اَنْ يَاْمُرَ بِمُنْكَرٍ اَوْ يَنْهَى عَنْ مَعْرُوفٍ وَحَاشَاهُ مِنْ ذَلِكَ، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْجَوَابُ الثَّانِي عَلَى هَذِهِ الْآَيَةِ الْمُشْكِلَةِ فِي فَهْمِهَا عَلَى السُّفَهَاءِ مِنَ النَّاسِ وَهُمْ ضُعَفَاءُ الْعُقُولِ الَّذِينَ لَايُحْسِنُونَ التَّصَرُّفَ فِي تَدَبُّرِ آَيَاتِ اللهِ: اَنَّ بَعْضَ النَّاسِ رُبَّمَا يَغِيبُ عَنْ اَذْهَانِهِمْ اَحْيَاناً اَنَّ اللهَ لَايَحْكُمُ اِلَّا بِالْحَقِّ؟ بِسَبَبِ مُعَانَاتِهِمْ فِي فَهْمِ مَسَائِلِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ، وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ اَحَدِ الرُّسُلِ حِينَمَا{قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ(؟ مِنْ اَجْلِ زِيَادَةِ الْاِيضَاحِ؟ وَمِنْ اَجْلِ الْبَيَانِ لِلْمَعْنَى؟ وَمِنْ اَجْلِ التَّاْكِيدِ عَلَى الْمَعْنَى اَيْضاً فِي اَذْهَانِ النَّاسِ وَتَوْثِيقِهِ وَالْمُصَادَقَةِ عَلَيْهِ: وَهُوَ اَنَّ اللهَ لَايَحْكُمُ اِلَّا بِالْحَقِّ: وَهُوَ اَيْضاً اَنَّ الرَّسُولَ لَايَاْمُرُ اِلَّا بِمَعْرُوفٍ، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْجَوَابُ الثَّالِثُ عَلَى هَذِهِ الْآَيَةِ الْمُشْكِلَةِ فَهُوَ اَنَّ اللهَ تَعَالَى يَعْفُو وَيُسَامِحُ التَّائِبَ النَّصُوحَ وَيَتَنَازَلُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِهِ سُبْحَانَهُ بَعْضِهَا اَوْ كُلِّهَا بِدَلِيلِ{يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ( وَاَمَّا حُقُوقُ الْعِبَادِ فَلَايُسَامِحُ وَلَايَتَنَازَلُ عَنْهَا اِلَّا اِذَا قَامَ الظَّالِمُ بِرَدِّ الْحُقُوقِ اِلَى الْمَظْلُومِ اَوْ يَعْرِضُ اللهُ تَعَالَى عَلَى الْمَظْلُومِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَرْضاً مُغْرِياً بِتَعْوِيضِهِ عَنِ الظُّلْمِ الَّذِي لَحِقَ بِهِ فِي الدُّنْيَا بِشَرْطِ اَنْ يُسَامِحَ مَنْ ظَلَمَهُ وَتَعَدَّى عَلَيْهِ، نَعَمْ اَخِي: لَكِنْ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى{قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ(بِمَعْنَى اَنَّ هَؤُلَاءِ الرُّسُلَ يُرِيدُونَ مِنَ اللهِ اَنْ يُحَاسِبَ اَقْوَامَهُمْ عَلَى الشَّارِدَةِ وَالْوَارِدَةِ بَعْدَ الَّذِي كَانَ مِنْ كُفْرِهِمْ وَعَنَادِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ وَاَذِيَّتِهِمْ وَقَتْلِهِمْ لِلْاَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ، وَلِذَلِكَ يُرِيدُونَ مِنَ اللهِ تَعَالَى اَلَّا يَتَنَازَلَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِهِ وَلَاحُقُوقِ عِبَادِهِ الْمَظْلُومِينَ وَاَنْ يَسْتَعْمِلَ سُبْحَانَهُ الْعَدْلَ فَقَطْ فِي مُحَاسَبَتِهِمْ دُونَ رَحْمَتِهِ وَاِحْسَانِهِ وَفَضْلِهِ جَزَاءً وِفَاقاً لِمَا فَعَلُوهُ بِحَقِّ اللهِ مِنْ اِشْرَاكٍ مَثَلاً وَبِحَقِّ رُسُلِهِ مِنْ تَكْذِيبٍ مَثَلاً وَبِحَقِّ عِبَادِهِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ ظُلْمٍ مَثَلاً قَائِلِين{رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ{رَبِّ لَاتَذَرْ عَلَى الْاَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً( نَعَمْ اَخِي: وَنَبْقَى وَمَا نَزَالُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَايَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ( أَيْ لَايَشْقُقْنَ جَيْباً، وَلَايَخْدُشْنَ وَجْهاً، وَلَايَنْشُرْنَ شَعْراً، وَلَايَدْعُونَ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ، وَكُلُّ هَذِهِ مِنَ الْعَادَاتِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْاُولَى، فَجَاءَ الْاِسْلَامُ وَنَهَا عَنْهَا، نَعَمْ اَخِي: فَكَانَتِ الْمَرْاَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ اِذَا مَاتَ زَوْجُهَا، شَقَّتْ جَيْبَهَا! نَعَمْ اَخِي: وَالْجَيْبُ هُوَ فَتْحَةُ الصَّدْرِ، وَسُمِّيَ جَيْباً؟ لِاَنَّ الْجُيُوبَ كَانَتْ تُخَاطُ وَتُوضَعُ عِنْدَ فَتْحَةِ الصَّدْرِ النِّسَائِيَّةِ وَيَظْهَرُ مِنْهَا شَيْءٌ مِنْ صَدْرِ الْمَرْاَةِ الْمُغْرِي لِلرِّجَالِ؟ وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ( وَالْخِمَارُ هُوَ غِطَاءُ الرَّاْسِ: وَهُوَ الْحِجَابُ الْمَعْرُوفُ الَّذِي يَتَدَلَّى مِنْهُ طَرَفَانِ تَسْتَطِيعُ الْمَرْاَةُ بِهِمَا اَنْ تَسْتُرَ مَايَظْهَرُ مِنْ اِغْوَاءٍ شَيْطَانِيٍّ فَاحِشٍ مِنْ بَعْضِ ثَدْيَيْهَا وَاَنْ تَحْمِيَ نَفْسَهَا وَاَنْ تَحْمِيَ مَنْ يَنْظُرُ اِلَيْهَا اَيْضاً مِنْ لَعْنَةِ اللهِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[كَاشِفُ الْعَوْرَةِ مَلْعُونٌ، وَالنَّاظِرُ اِلَيْهَا مَلْعُون(وَاللَّعْنَةُ هِيَ الطَّرْدُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ اِلَى اَجَلٍ مُسَمّىً وَهُوَ النَّصُوحُ مِنَ التَّوْبَةِ، نَعَمْ اَخِي: وَلَايَجُوزُ لِلنِّسَاءِ اَيْضاً اَنْ يَخْدُشْنَ وَجْهاً نَائِحَاتٍ بِاَظَافِرِهِنَّ مُخَرْمِشَاتٍ لِوُجُوهِهِنَّ، وَلَايَجُوزُ لَهُنَّ اَيْضاً اَنْ يَنْشُرْنَ شَعْراً نَائِحَاتٍ نَاتِفَاتٍ لِشُعُورِهِنَّ وَلَا كَاشِفَاتٍ لِشَعْرِهِنَّ اَمَامَ الرِّجَالِ الْاَغْرَابِ، وَلَانَائِحَاتٍ لَاطِمَاتٍ لِوُجُوهِهِنَّ وَصُدُورِهِنَّ، وَلَايَجُوزُ ذَلِكَ لِلرِّجَالِ اَيْضاً كَمَا يَفْعَلُ الشِّيعَةُ قَبَّحَهُمُ اللهُ زَاعِمِينَ اَنَّهُمْ يَبْكُونَ عَلَى الْحُسَيْنِ وَهُمُ الَّذِينَ قَتَلُوا الْحُسَيْنَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ وَالْجَانِّ اَجْمَعِين، نَعَمْ اَخِي: وَلَايَجُوزُ لَهُنَّ كَذَلِكَ اَنْ يَدْعُونَ بِالثُّبُورِ وَالْوَيْلِ، نَعَمْ اَخِي: فَكَانَتِ الْمَرْاَةُ الْجَاهِلِيَّةُ تَقُولُ اِذَا مَاتَ زَوْجُهَا: وَاجَمَلَاهُ! وَاعَامُودَاهُ! فَاَيْنَ اعْتِمَادُكِ عَلَى اللهِ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِكِ اَيَّتُهَا الْخَبِيثَةُ الْحَقِيرَةُ اللَّئِيمَةُ النَّذْلَةُ السَّاقِطَةُ فِي هَاوِيَةِ الْجَحِيم! هَلْ تَنْسَيْنَ اللهَ الَّذِي خَلَقَكِ وَخَلَقَ زَوْجَكِ وَاَحْيَاكُمَا وَاَمَاتَكُمَا! هَلْ تَنْسَيْنَهُ بِهَذِهِ السُّهُولَةِ وَالْبَسَاطَةِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى! نَعَمْ اَخِي: وَهَذِهِ الْوَاوُ الْمُحَرَّمَةُ شَرْعاً فِي قَوْلِهَا: وَاجَمَلَاهُ وَاعَمُودَاهُ: تُسَمَّى فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَاوَ النُّدْبَةِ: بِمَعْنَى اَنَّهَا تَنْدُبُ نَفْسَهَا نَدْباً مُحَرَّماً يُوجِبُ سَخَطَ اللهِ وَغَضَبَهُ عَلَيْهَا وَعَلَى مَنْ يَفْعَلُ مِثْلَ فِعْلِهَا فِي اَيَّامِنَا، نَعَمْ اَخِي: فَحِينَمَا تَقُولُ هَذِهِ الْمَرْاَةُ الْجَاهِلِيَّةُ الْقَبِيحَةُ: وَاجَمَلَاهُ: فَاِنَّهَا تُشَبِّهُ زَوْجَهَا الْمَيِّتَ حِينَمَا كَانَ حَيّاً: بِالْجَمَلِ الَّذِي يَحْمِلُ الْاَثْقَالَ عَنْهَا: بِمَعْنَى اَنَّهَا تُخَاطِبُ زَوْجَهَا الْمَيِّتَ خِطَاباً مُحَرَّماً وَتَقُولُ لَهُ: يَامَنْ كُنْتَ تَحْمِلُ عَنِّي اَثْقَالِي! وَاعَامُودَاهُ: بِمَعْنَى يَامَنْ كُنْتُ اَسْتَنِدُ اِلَيْكَ وَاَعْتَمِدُ عَلَيْكَ! اَوْ كَمَا يَقُولُونَ الْآَنَ فِي اَيَّامِنَا: يَاخَرَابْ بَيْتِي! اَوْ كَذَا مِنْ هَذَا الْكَلَام! نَعَمْ اَخِي: وَالْحَمْدُ لِلهِ: هَذِهِ الْاُمُورُ مِنَ النِّيَاحَةِ الْمُحَرَّمَةِ الَّتِي فِيهَا مَالَايَعْلَمُهُ اِلَّا اللهُ مِنَ الِاعْتِرَاضِ عَلَى قَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ، نَرَاهَا قَدْ خَفَّتْ فِي اَيَّامِنَا عِنْدَ اَهْلِ السُّنَّةِ، نَعَمْ اَخِي: وَحِينَمَا كُنَّا صِغَاراً فِي السِّنِّ، كَانَتْ تَحْصَلُ اَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ، فَكَانَتِ الْاُمُّ حِينَمَا تُرِيدُ اَنْ تَدْعُوَ عَلَى وَلَدِهَا فَاِنَّهَا تَقُولُ: اَللَّهُمَّ اجْعَلْنِي اَرْقُصُ تَحْتَ نَعْشِهِ! فَكَانُوا فِعْلاً اِذَا مَاتَ وَلَدُهُمْ يَاْتُونَ وَيَرْقُصُونَ تَحْتَ نَعْشِهِ مُقَلِّدِينَ الصُّلْبَانَ الْخَوَنَةَ الْخَنَازِيرَ فِي ذَلِكَ! وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ فِي حَدِيثٍ صَحِيح، نَعَمْ اَخِي: فَكُلُّ هَذِهِ الْاُمُورِ الْمُحَرَّمَةِ الْبَغِيضَةِ الْمَقِيتَةِ اِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى الْآَنَ، خَفَّتْ كَثِيراً، وَنَاْمَلُ اَنَّهَا زَالَتْ اِلَى الْاَبَد، نَعَمْ اَخِي: وَكَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْاُولَى: اَنَّهُمْ يَدْهَنُونَ بُيُوتَهُمْ بِالْهُبَابِ! نَعَمْ اَخِي: وَالْهُبَابُ هُوَ الشِّحْوَارُ الَّذِي يُشْبِهُ الْفَحْمَ الْمَوْجُودَ فِي اَيَّامِنَا الَّذِي يُوضَعُ عَلَى الْمُعَسَّلِ الْمُحَرَّمِ مِنْ اَجْلِ التَّدْخِينِ الْمُحَرَّمِ، وَيَخْرُجُ هَذَا الْهُبَابُ اَيْضاً مِنْ شِحْوَارِ التِّمْزِ الْمَعْرُوفِ الَّذِي يَجْلِبُ لَنَا الدِّفْىءَ فِي الْبَرْدِ الشَّدِيدِ حِينَمَا نَقُومُ بِتَعْبِئَتِهِ فِي اَكْيَاسٍ وَوَزْنِهِ مِنْ اَجْلِ بَيْعِهِ، فَيَمْلَىءُ اُنُوفَنَا وَيُصِيبُنَا بِالزُّكَامِ اِذَا تَجَاهَلْنَا وَضْعَ الْكَمَّامَاتِ عَلَى وُجُوهِنَا، وَيَخْرُجُ اَيْضاً مِنْ اَثَرِ الْاَوْرَاقِ الْمَحْرُوقَةِ الَّتِي نَكْتُبُ عَلَيْهَا اَوْ نُشْعِلُ الْحَمَّامَاتِ بِهَا مِنْ اَجْلِ تَسْخِينِ الْمِيَاهِ، وَيَخْرُجُ اَيْضاً مِنَ الْبَوَارِي الْمَوْصُولَةِ مَعَ الْمَدَافِىءِ الَّتِي تَعْمَلُ عَلَى الْمُازُوتِ، نَعَمْ اَخِي: وَكَانُوا يَتَعَصَّبُونَ بِعِصَابَاتٍ سَوْدَاءَ كَمَا يَفْعَلُ الشِّيعَةُ تَمَاماً فِي اَيَّامِنَا آَخِذِينَ تَعَالِيمَ دِينِهِمْ مِنَ الْجَاهِلِيَّةِ الْعَرَبِيًّةِ الْاُولَى لَا مِنَ الْاِسْلَام،، نَعَمْ اَخِي: وَمَازَالَ اَهْلُ اَرْوَادَ اِلَى الْآَنَ فِي اَيَّامِنَا يَتَدَاوَلُونَ كَلِمَةً جَاهِلِيَّةً شَيْطَانِيَّةً خَبِيثَةً فِيمَا بَيْنَهُمْ مَااَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَان! فَاِنَّهُمْ حِينَمَا تَنْزِلُ بِهِمْ مُصِيبَةٌ اَوْ يَنْزَعِجُونَ مِنْ شَيْءٍ مَا يَقُولُونَ فَوْراً: يَاعِصَّابِي! نَعَمْ اَخِي: وَكَلِمَةُ يَاعِصَّابِي: كَلِمَةٌ مَقِيتَةٌ بَغِيضَةٌ كَرِيهَةٌ اَخَذَهَا اَهْلُ اَرْوَادَ وَتَعَلَّمُوهَا مِنْ اَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الْاُولَى مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهَا مِنَ الْقَبَائِلِ الْعَرَبِيَّةِ وَمِنْ اَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الْكُبْرَى مِنَ الشِّيعَةِ الَّذِينَ يَرْبِطُونَ عِصَابَاتٍ سَوْدَاءَ عَلَى رُؤُوسِهِمْ، نَعَمْ اَخِي: وَمَا زَالَ اَهْلُ طَرْطُوسَ وَلُبْنَانَ اِلَى الْآَنَ فِي اَيَّامِنَا يَتَدَاوَلُونَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ الْجَاهِلِيَّةَ الْبَغِيضَةَ الْمَقِيتَةَ فِيمَا بَيْنَهُمْ! فَحِينَمَا تَنْزِلُ بِهِمْ مُصِيبَةٌ فَاِنَّهُمْ يَقُولُونَ: يَاشِحَّارِي! يَاتِعْتِيرِي! نَعَمْ اَخِي: وَكَلِمَةُ يَاشِحَّارِي: اَخَذُوهَا مِنَ الْجَاهِلِيَّةِ الْاُولَى الَّتِي كَانَتْ تَدْهَنُ بُيُوتَهَا بِالشِّحْوَارِ، وَكَاَنَّهُمْ يُرِيدُونَ مِمَّنْ يَسْمَعُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ الْخَبِيثَةَ مِنْهُمْ اَنْ يَجْلِبَ لَهُمْ شِحْوَاراً لِيَدْهَنُوا بِهِ بُيُوتَهُمْ ، نَعَمْ اَخِي: فَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْعَادَاتِ الْجَاهِلِيَّةِ الشَّيْطَانِيَّةِ الْحَقِيرَةِ لَهُ اَصْلٌ جَاهِلِيٌّ خَبِيثٌ حَقِير، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ اَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِنَّ الْعَهْدَ فِي هَذِهِ الْآَيَةِ اَلَّا يَفْعَلْنَ ذَلِكَ، فَقَالَتِ امْرَاَةٌ: يَارَسُولَ اللهِ، اِنِّي وَعَدْتُّ اَنْ اُسْعِدَ بَيْتَ فُلَانٍ! فَنَهَاهَا رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنْ ذَلِكَ، نَعَمْ اَخِي: وَكَلِمَةُ اُسْعِدَ بَيْتَ فُلَان: مَاْخُوذَةٌ مِنَ الْاِسْعَادِ، نَعَمْ اَخِي: وَالْاِسْعَادُ هُوَ جَبْرُ الْخَوَاطِرِ بِالنُّوَاحِ، نَعَمْ اَخِي: وَكَانُوا يُحِبُّونَ اَنْ يَتَفَاءَلُوا وَيُسْعَدُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي الْحُزْنِ وَالنُّوَاح، نَعَمْ اَخِي: وَاِلَى الْآَنَ فِي اَيَّامِنَا، فَاِنَّكَ اِذَا ذَهَبْتَ لِتَسْاَلَ اِخْوَانَنَا الْمَصْرِيِّينَ عَنْ صِحَّةِ مِصْرِيٍّ مِنَ الْمِصْرِيِّينَ رُبَّمَا هُوَ صَدِيقٌ لَكَ، فَاِنَّ هَذَا الصَّدِيقَ وَلَوْ كَانَ مَرِيضاً، فَاِنَّ اَهْلَهُ الْمَصْرِيِّينَ لَايَقُولُونَ لَكَ هُوَ مَرِيض، وَاِنَّمَا يَقُولُونَ لَكَ: هُوّ بْعَافْيَة شْوَيَّ لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُمْ يُحِبُّونَ اَنْ يَبْقَوْا مُتَفَائِلِينَ بِشِفَائِهِ وَلَوْ كَانَتْ حَالَتُهُ خَطِيرَة، نَعَمْ اَخِي: فَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَاْتُونَ بِالنَّوَّاحَاتِ لِتُنَوِّحَ عَلَى اَمْوَاتِهِمْ! وَبَعْدَ اَنْ تَنْتَهِيَ النَّائِحَةُ مِنْ نُوَاحِهَا، يَبْقَى دَيْنٌ عَلَى اَهْلِ الْمَيِّتِ اِذَا مَاتَ النَّائِحَةَ عِنْدَهَا اَحَدٌ مِنْ اَمْوَاتِهَا اَنْ يَنُوحُوا عَلَيْهِ كَمَا نَوَّحَتْ هِيَ مِنْ قَبْلُ عَلَى مَوْتَاهُمْ! نَعَمْ اَخِي: فَلَمْ يَاْذَنْ لَهَا رَسُولُ اللهِ بِذَلِكَ، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ تَقُولُ الْعَرَبُ: لَيْسَتِ النَّائِحَةُ كَالثَّكْلَى، نَعَمْ اَخِي: فَكَانُوا يَسْتَاْجِرُونَ هَؤُلَاءِ النَّوَّاحَاتِ بِالْمَالِ مِنْ اَجْلِ النِّيَاحَةِ عَلَى مَوْتَاهُمْ، نَعَمْ اَخِي: وَالثَّكْلَى هِيَ الْاُمُّ، وَالْمَعْنَى: اَنَّ الْاُمَّ حِينَمَا تَبْكِي عَلَى وَلَدِهَا الْمَيِّتِ، هَلْ حُزْنُهَا عَلَى وَلَدِهَا كُحُزْنِ النَّائِحَةِ حِينَمَا تَنُوحُ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: اَلنَّائِحَةُ حِينَمَا تَنُوحُ: فَاِنَّهَا رُبَّمَا تَتَصَنَّعُ الْحُزْنَ وَالْبُكَاءَ، وَاَمَّا الْاُمُّ: فَاِنَّهَا تَبْكِي مِنْ اَعْمَاقِ قَلْبِهَا عَلَى وَلَدِهَا فَلْذَةِ كَبِدِهَا وَضَنَاهَا بُكَاءً حَقِيقِيّاً غَيْرَ مُتَصَنَّع، نَعَمْ اَخِي: وَحِينَمَا كُنْتُ فِي رِحْلَةٍ سِيَاحِيَّةٍ اِلَى مِصْرَ الشَّقِيقَةِ: رَاَيْتُ جَنَازَةً طَالِعَةً وَرَاءَهَا الرِّجَالُ، وَوَرَاءَ الرِّجَالِ النِّسَاءُ النَّوَّاحَاتُ! فَاِذَا بِهَؤُلَاءِ النِّسَاءِ يَشْقُقْنَ ثِيَابَهُنَّ! وَيَنْتُفْنَ شُعُورَهُنَّ! وَيَخْمُشْنَ وُجُوهَهُنَّ! وَيَدْعُونَ بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ كَمَا وَرَدَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، فَقُلْتُ لِاِحْدَاهُنَّ: اَلَيْسَ مِنَ الْحَرَامِ وَالْمُعِيبِ عَلَيْكِ اَنْ تَفْعَلِي ذَلِكَ! نَعَمْ اَخِي: فَنَظَرَ اِلَيَّ وَاِلَيْهَا رَجُلٌ لَمْ تُعْجِبْهَا نَظَرَاتُهُ، فَالْتَفَتَتْ اِلَى الرَّجُلِ وَهِيَ تَضْحَكُ وَقَالَتْ لَهُ: اِحْنَا مْنَاخُدْ فِلُوسْ يَابِيهْ! نَعَمْ اَخِي: فَهَذِهِ النَّائِحَةُ لَوْ كَانَ عِنْدَهَا احْتِرَامٌ لِلْجَنَائِزِ وَمَافِيهَا مِنَ الْاَمْوَاتِ، مَاقَالَتْ هَذَا الْكَلَام، نَعَمْ اَخِي: وَلَكِنَّ عَتَبِيَ الشَّدِيدَ الْغَلِيظَ عَلَى اَهْلِ الْمَيِّتِ الْمُسْتَهْتِرِينَ بِحُرْمَةِ اَمْوَاتِهِمْ! حِينَمَا يَسْمَحُونَ لِهَذِهِ الْكَاذِبَةِ الْمُنَافِقَةِ النَّائِحَةِ الْحَقِيرَةِ بِمُرَافَقَةِ الْجَنَازَةِ وَهِيَ عَلَى اسْتِعْدَادٍ اَنْ تَبِيعَ الْاَمْوَاتَ وَالْاَحْيَاءَ مِنْ اَجْلِ الْمَالِ! نَعَمْ اَخِي: فَهَؤُلَاءِ النَّائِحَاتُ الْكَاذِبَاتُ الْمُنَافِقَاتُ وَحَتَّى وَلَوْ كُنَّ صَادِقَاتٍ فِي نِيَاحَتِهِنَّ، فَاِنَّ ذُنُوبَهُنَّ وَآَثَامَهُنَّ عَظِيمَةٌ جِدّاً عِنْدَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، نَعَمْ اَخِي: وَنَعُودُ الْآَنَ بِاَذْهَانِنَا اِلَى هَذِهِ الْمُعَاهَدَةِ الَّتِي عَاهَدَ رَسُولُ اللهِ عَلَيْهَا النِّسَاءَ، هَلْ فِيهَا اَوَامِرُ؟ اَمْ فِيهَا نَوَاهِي؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: بَلْ كُلُّهَا نَوَاهِي، اَللَّهُمَّ اِلَّا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَايَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوف(أَيْ وَلَايَعْصِينَكَ فِي اَمْرِكَ لَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيِكَ لَهُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ وَهُوَ هَذِهِ النَّوَاهِي وَهِيَ التَّالِيَة{اَلَّا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً، وَلَا يَسْرِقْنَ، وَلَا يَزْنِينَ، وَلَا يَقْتُلْنَ اَوْلَادَهُنَّ، وَلَايَاْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ اَيْدِيهِنَّ وَاَرْجُلِهِنَّ، وَلَايَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوف(وَهَذِهِ اَيْضاً فِيهَا نَهْيٌ لِهَؤُلَاءِ النِّسَاءِ وَلِلرِّجَالِ اَيْضاً عَنْ عِصْيَانِ رَسُولِ اللهِ فِي مَعْرُوف، نَعَمْ اَخِي: وَنَحْنُ تَعَوَّدْنَا فِي اَحْكَامِ اللهِ تَعَالَى اَنْ تَكُونَ اَوَامِرَ، وَاَنْ تَكُونَ نَوَاهِيَ اَيْضاً، وَكُلُّ هَذِهِ الْاَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي مُلَخَّصَةٌ تَحْتَ قَاعِدَةِ اِفْعَلْ، وَتَحْتَ قَاعِدَةِ لَا تَفْعَلْ، بِمَعْنَى اَنَّ كُلَّ شَيْءٍ اَمَرَكَ اللهُ بِهِ وَرَسُولُهُ اَخِي: تَسْتَطِيعُ اَنْ تَضَعَهُ تَحْتَ كَلِمَتَيْنِ وَهُمَا: اِفْعَلْ، وَلَاتَفْعَلْ، نَعَمْ اَخِي: لَكِنْ لِمَاذَا جَاءَتْ كُلُّ هَذِهِ الْمُبَايَعَةِ فِي الْآَيَةِ بِنَوَاهِي وَلَمْ تَاْتِ بِاَمْرٍ وَاحِدٍ اِلَّا فِي الْاَمْرِ النَّبَوِيِّ بِمَعْرُوفٍ ذَكَرَهُ اللهُ فِي الْآَيَةِ وَفِيهِ مَافِيهِ اَيْضاً مِنَ النَّهْيِ عَنْ عِصْيَانِ النَّبِيِّ اِذَا اَمَرَ هَذَا النَّبِيُّ بِمَعْرُوف! نَعَمْ اَخِي: فَحَتَّى الْاَمْرُ بِمَعْرُوفٍ فِي هَذِهِ الْآَيَةِ لَايَخْلُو مِنْ نَهْيٍ اَبَداً! وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: كَانَ اَكْثَرُ اَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ النِّسَاءِ يَفْعَلْنَ هَذِهِ النَّوَاهِيَ! فَجَمَعَهُنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً، وَنَهَاهُنَّ عَنْ ذَلِك، نَعَمْ اَخِي: وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ وَرَدَتْ اَوَامِرُ لَهُنَّ فِي رِوَايَةٍ اُخْرَى: اَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: اَمَرَهُنَّ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَبِالصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَالزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَاَمَرَهُنَّ كَذَلِكَ بِطَاعَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ مُطْلَقاً، نَعَمْ اُخْتِي: فَنَحْنُ مَعَاشِرَ النِّسَاءِ نَشْتَرِكُ مَعَ الرِّجَالِ بِتَكْلِيفِ اللهِ وَرَسُولِهِ لَنَا مَعَهُمْ فِي جَمِيعِ الْاَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي الَّتِي ذَكَرَهَا اللهُ فِي دِينِهِ الْاِسْلَامِيِّ الْحَنِيفِ، اَللَّهُمَّ اِلَّا فِي اُمُورٍ لَاتَتَّسِعُ لَهَا الْمُشَارَكَةُ الْآَن، نَعَمْ اَخِي وَاُخْتِي: وَلَكِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ مَعَ ذَلِكَ خَصَّصَ النِّسَاءَ بِهَذِهِ الْاُمُورِ النَّوَاهِي فِي الْآَيَةِ؟ لِاَنَّهَا كَانَتْ شَائِعَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ عِنْدَ النِّسَاءِ، فَنَهَاهُنَّ عَنْ ذَلِكَ، نَعَمْ اَخِي: وَالشِّيعَةُ فِي اَيَّامِنَا دَاخِلُونَ فِي هَذَا النَّهْيِ اَيْضاً بِرِجَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَمَسْؤُولُونَ عَنْ كُلِّ مُخَالَفَةٍ غَيْرِ شَرْعِيَّةٍ يَرْتَكِبُونَهَا اَمَامَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ هَذِهِ النَّوَاهِي، نَعَمْ اَخِي: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يُكَرِّرُ هَذِهِ النَّصَائِحَ وَالنَّوَاهِيَ وَالْاَوَامِرَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا نَقْلاً عَنِ الْقُرْآَنِ وَالسُّنَّةِ فِي هَذِهِ الْمُشَارَكَة: فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَ اَبِي بَكْرٍ، وَمَعَ عُمَرَ، وَمَعَ عُثْمَانَ صَلَاةَ الْعِيدِ! فَكَانُوا يُصَلُّونَهَا قَبْلَ الْخُطْبَتَيْنِ، نَعَمْ اَخِي: بِمَعْنَى اَنَّ ابْنَ عَبَّاسَ يُشِيرُ اِلَى اَنَّهُ فِي عَهْدِ بَنِي اُمَيَّةَ، كَانَ بَعْضُ الْخُلَفَاءِ اَوِ الْاُمَرَاءِ يَخْطُبُ الْعِيدَيْنِ ثُمَّ يُصَلِّي كَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ تَمَاماً لِمَاذَا؟ لِاَنَّ النَّاسَ صَارَتْ تَنْفُرُ مِنْهُمْ! فَكَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ الْعِيدَيْنِ ثُمَّ يَخْرُجُونَ مِنَ الْمَسْجِدِ رَاغِبِينَ عَنْ سَمَاعِ شَتَائِمِهِمْ، فَكَانُوا يَخْرُجُونَ وَلَايَسْتَمِعُونَ اِلَى خُطْبَتَيِ الْعِيدِ مِنْ لِسَانِ خُطَبَاءِ بَنِي اُمَّيَّةَ، فَمَاذَا فَعَلَ بَنُو اُمَيَّةَ؟ قَالُوا: نَخْطُبُ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَمَاذَا فَعَلَ النَّاسُ؟ كَانُوا يَنْتَظِرُونَ خَارِجَ الْمُصَلَّى، فَاِذَا انْتَهَى بَنُو اُمَيَّةَ مِنَ الْخُطْبَتَيْنِ، دَخَلَ النَّاسُ اِلَى الصَّلَاةِ دُونَ اَنْ يَسْتَمِعُوا اِلَى مَايَقُولُونَهُ مِنْ شَتَائِمَ ظَالِمَةٍ بِحَقِّ آَلِ الْبَيْتِ، نَعَمْ اَخِي: لَكِنْ لِمَاذَا ابْنُ عَبَّاسَ لَمْ يَقُلْ اَنَّهُ صَلَّى مَعَ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ مَعَ الْعِلْمِ اَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ تُوُفِّيَ بَعْدَ الْاِمَامِ عَلِيٍّ بِزَمَان؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: لِاَنَّ الْاِمَامَ عَلِيّاً كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ: نَقَلَ عَاصِمَةَ الْخِلَافَةِ الْاِسْلَامِيَّةِ مِنَ الْمَدِينَةِ اِلَى الْكُوفَةِ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَوْجُوداً فِي الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَذْهَبْ اِلَى الْكُوفَة، نَعَمْ اَخِي: يَقُولُ ابْنُ عَبَّاس: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ الْعِيدَ، وَقَبْلَ اَنْ يَصْعَدَ اِلَى الْمِنْبَرِ لِيَخْطُبَ خُطْبَتَيِ الْعِيدِ، قَامَ رَسُولُ اللهِ يُرِيدُ اَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَقَامَ مَعَهُ الرِّجَالُ، فَقَالَ: اِجْلِسُوا! اِجْلِسُوا! نَعَمْ اَخِي: فَجَلَسُوا، فَذَهَبَ مَعَ بِلَالٍ اِلَى الْمَكَانِ الْمَوْجُودِ فِيهِ النِّسَاءَ، وَاَخَذَ بِلَالٌ مِنْدِيلاً(مَحَارِمَ قُمَاشِيَّةً لَا وَرَقِيَّةً(وَاَخَذَ رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَتْلُو عَلَيْهِنَّ هَذِهِ الْآَيَةَ الَّتِي ذَكَرْنَا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ يُكَرِّرُ عَلَيْهِنَّ هَذِهِ الْآَيَةَ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى مَوْضُوعُ الْمُشَارَكَة، نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ قَالَ لَهُنَّ: تَصَدَّقْنَ، نَعَمْ اَخِي: فَكَانَتْ اِحْدَاهُنَّ تَاْخُذُ بِقُرْطَيْهَا، وَتَاْخُذُ بِخَوَاتِيمِهَا، وَتَضَعُهَا فِي ثَوْبِ بِلَالٍ، حَتَّى جَمَعَ بِلَالٌ كَوْمَةً لَابَاْسَ بِهَا مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، نَعَمْ اَخِي: فَكَانَ رَسُولُ اللهِ يُكَرِّرُ عَلَيْهِنَّ هَذِهِ الْآَيَةَ؟ حَتَّى يَتَذَكَّرْنَ هَذِهِ النَّوَاهِيَ؟ فَلَايُقْدِمْنَ عَلَيْهَا، ثُمَّ اَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَة، نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ عَادَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَعِدَ الْمَكَانَ الَّذِي هُيِّءَ لَهُ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَخْطُبَ يَوْمَ الْعِيدِ، نَعَمْ اَخِي: وَكَانَ الرَّسُولُ الْكَرِيمُ يَخْرُجُ اِلَى الْمُصَلَّى أَيْ اِلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ، فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْعِيدَيْنِ، وَكَانَ يُوضَعُ لَهُ مِنْبَرٌ، وَكَانَ يَحْضُرُ الصَّلَاةَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، فَكَانَ النِّسَاءُ يَجْلِسْنَ وَرَاءَهُ، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَيُّ حِجَابٍ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الرِّجَالِ كَمَا فِي اَيَّامِنَا، وَاِنَّمَا يَتَاَخَّرْنَ عَنِ الرِّجَالِ، نَعَمْ اَخِي: وَكَانَتْ تَحْضُرُ الْحُيَّضُ كَذَلِكَ، نَعَمْ اَخِي: حَتَّى الْحَائِضُ كَانَتْ تَحْضُرُ دُرُوسَ الْعِلْمِ وَمِنْهَا خُطْبَةُ الْعِيدَيْنِ وَخُطْبَةُ الْجُمُعَةِ، وَلَكِنْ لَمْ تَكُنْ تَدْخُلُ اِلَى الْمُصَلَّى، وَاِنَّمَا تَقِفُ خَارِجَ الْمُصَلَّى تَسْتَمِعُ اِلَى رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَهُوَ يَخْطُبُ، نَعَمْ اَخِي: اِنَّهَا فَتْرَةٌ وَضِيئَةٌ مِنْ حَيَاةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَعَ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ الَّذِينَ تَرَبَّوْا عَلَى مَوَائِدِهِ، وَنَكْتَفِي بِهَذَا الْقَدْرِ، وَنُتَابِعُ حَدِيثَنَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِلُمْعَةِ الِاعْتِقَادِ لِلْعَلَّامَةِ مُوَفَّقِ الدِّينِ ابْنِ قُدَامَةَ الْمَقْدِسِيِّ صَاحِبُ هَذَا الْكِتَابِ مِنَ اللُّمْعَةِ فِي الِاعْتِقَادِ حَيْثُ يَقُول: قَالَ مُحَمَّدٌ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْآذْرَمِيُّ لِرَجُلٍ تَكَلَّمَ بِبِدْعَةِ الْمُعْتَزِلَةِ(وَهِيَ الْقَوْلُ بِخَلْقِ الْقُرْآَن( وَدَعَا النَّاسَ اِلَيْهَا فِي مَجْلِسِ الْخَلِيفَةِ الْعَبَّاسِيِّ الْوَاثِقِ بِاللهِ: فَقَالَ الْآَذْرَمِيُّ رَدّاً عَلَيْهِ: مَنْ تَكَلَّمَ بِبِدْعَةٍ وَدَعَا النَّاسَ اِلَيْهَا، هَلْ عَلِمَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ اَوْ لَمْ يَعْلَمُوهَا! فقَالَ الْمُعْتَزِلِيُّ الْمُبْتَدِعُ: لَمْ يَعْلَمُوهَا، قَالَ: لَمْ يَعْلَمْهَا هَؤُلَاءِ وَعَلِمْتَهَا اَنْتَ، قَالَ الرَّجُلُ: فَاِنِّي اَقُولُ قَدْ عَلِمُوهَا، قَالَ: اَفَوَسِعَهُمْ اَلَّا يَتَكَلَّمُوا بِهَا وَلَايَدْعُوا النَّاسَ اِلَيْهَا! اَمْ لَمْ يَسَعْهُمْ! قَالَ: بَلْ وَسِعَهُمْ! قَالَ: هَلْ شَيْءٌ وَسِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَاءَهُ لَايَسَعُكَ اَنْتَ! فَانْقَطَعَ الرَّجُلُ عَنِ الْكَلَامِ! فَقَالَ الْخَلِيفَةُ وَكَانَ حَاضِراً: لَا وَسَّعَ اللهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَسَعْهُ مَاوَسِعَهُمْ، وَهَكَذَا مَنْ لَمْ يَسَعْهُ مَاوَسِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاَصْحَابَهُ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِاِحْسَانٍ وَالْاَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَالرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ مِنْ تِلَاوَةِ آَيَاتِ الصِّفَاتِ وَقِرَاءَةِ اَخْبَارِهَا وَاِمْرَارِهَا كَمَا جَاءَتْ، فَلَا وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، نَعَمْ اَخِي: وَمِمَّا جَاءَ فِي آَيَاتِ الصِّفَاتِ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ( وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى{ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ( وَقَوْلُهُ تَعَالَى اِخْبَاراً عَنْ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ اَنَّهُ قَالَ:{تَعْلَمُ مَانَفْسِي وَلَا اَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ(وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ{وَجَاءَ رَبُّكَ( وَقَوْلُهُ تَعَالَى {هَلْ يَنْظُرُونَ اِلَّا اَنْ يَاْتِيَهُمُ اللهُ( وَقَوْلُهُ تَعَالَى{ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ(نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: وَنَاْتِي الْآَنَ اِلَى تَفْسِيرِ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي قُلْنَاهُ وَنَقُولُ: يَقُولُ الْآَذْرَمِيُّ لِصَاحِبِ الْبِدْعَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ بِخَلْقِ الْقُرْآَن: هَذِهِ الْبِدْعَةُ ، أوْ هذهِ المَقَالَةُ الَّتي تَقُولُ بِهَا أَنْتَ ، هَلْ عَلِمَهَا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وأبو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ ، وَعُثْمَانُ ، وَعَلِيٌّ - خلفاءُ الأمَّةِ الرَّاشِدُونَ ، وَخُلَفَاءُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذينَ زَكَّاهُم وَشَهِدَ لَهُمْ بِالْهِدَايَةِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هلْ عَلِمُوهَا أوْ لمْ يَعْلَمُوهَا ؟ فقالَ أَوَّلاً: ما عَلِمُوهَا . فَتَعَجَّبَ وقالَ : كَيْفَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ ! وَلَمْ يَعْلَمْهَا الصَّحَابَةُ وَلَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ ! وَلَمْ يَعْلَمْهَا الرَّسولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! فَكَيْفَ عَلِمْتَهَا أَنْتَ ! هلْ نَزَلَ عليكَ وَحْيٌ ! هلْ أنتَ رَسُولٌ من اللهِ تَعَالَى ! مَا الدَّليلُ عَلَى رِسَالَتِكَ ؟ مَا هُوَ الْوَحْيُ الَّذي نَزَلَ عليكَ حتَّى تَكُونَ أنتَ أَعْلَمَ من الرَّسولِ! وَأَعْلَمَ مِنَ الْخُلَفَاءِ ! فَتَحَيَّرَ ابْنُ أَبِي دُؤَادٍ وَهُوَ صَاحِبُ هَذِهِ الْبِدْعَةِ ، وَلَمْ يَجِدْ بُدًّاً منْ أنْ يَقُولَ : بَلْ عَلِمُوهَا. فانْتَقَلَ محمَّدُ بنُ عبدِ الرَّحمنِ الْآَذْرَمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ إلى أنْ يَقُولَ لهُ : مَا دَامَ أنَّهُمْ عَلِمُوهَا ، فَهَلْ دَعَوْا إِلَيْهَا ، وَفَتَنُوا النَّاسَ وَأَلْزَمُوهُمْ بِمَا أَلْزَمْتَهُمْ بهِ ، وَعَذَّبُوا مَنْ أَنْكَرَهَا وَحَبَسُوهُمْ ، وَأَنْكَرُوا عَلَى مَنْ خَالَفَهُم ، أوْ لَمْ يَدْعُوا إِلَيْهَا ؟ نَعَمْ اَخِي: وَمِنَ الْمَعْلُومِ أنَّهُمْ مَا دَعَوْا إِلَيْهَا ، بَلْ وَلَمْ يُشْتَهَرْ أنَّهُمْ قَالُوا : إنَّ الْقُرْآَنَ مَخْلُوقٌ ، وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ أحَدٌ مِنَ الْأمَّةِ .فَقَالَ : لَمْ يَدْعُوا إِلَيْهَا ، نَعَمْ اَخِي: لَا بُدَّ أنْ يَعْتَرِفَ بِذَلِكَ لِمَاذَا ؛ لِأَنَّ التَّوَارِيخَ فِي الْقِصَصِ الْمَشْهُورَةِ أنَّهُمْ مَا دَعَوْا إِلَيْهَا ، وَلَا فَتَنُوا أَحَدًا ، وَلَا أَلْزَمُوهُ أنْ يَقُولَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ الشَّنِيعَةَ ؛ الَّتِي هِيَ الْإِلْزَامُ بِأَنَّ الْقُرْآَنَ مَخْلُوقٌ . نَعَمْ اَخِي: فَلَمَّا لَمْ يَجِدْ بُدًّاً، اِلْتَزَمَ وَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُمْ مَا دَعَوْا إِلَيْهَا . فعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ لَهُ : فَهَلاَّ وَسِعَكَ مَا وَسِعَهُمْ ؛ ما دَامَ أنَّهُمْ عَلِمُوهَا وَسَكَتُوا وَتَرَكُوا النَّاسَ عَلَى مُعْتَقَدَاتِهِم وَلَمْ يَفْتِنُوا أَحَدًا ، وَلَمْ يُلْزِمُوا أَحَدًا ، وَلَمْ يُعَذِّبُوا أَحَدًا ، وَلَمْ يَقُولُوا لَهُمْ : هَذِهِ الْمَقَالَةُ بَاطِلَةٌ ، أَوْ: هَذِهِ الْمَقَالَةُ حَقٌّ ، أوْ نَحْوُ ذَلِكَ !! فَاسْكُتْ كَمَا سَكَتُوا ، وَلْيَسَعْكَ مَا وَسِعَهُمْ ، فإنْ كُنْتَ عَلَى صَوَابٍ فَصَوَابُكَ لِنَفْسِكَ ، وَلَا تُغَيِّرْ عَقَائِدَ غَيْرِكَ ، وإنْ كُنْتَ عَلَى خَطَأٍ فَخَطَؤُكَ عَلَى نَفْسِكَ ، أمَّا غَيْرُكَ فَلَا تُغَيِّرْ عَلَيْهِمْ مَا دَامَ الرَّسولُ وَصَحَابَتُهُ لَمْ يُغَيِّرُوا عَلَيْهِمْ ، وَلَمْ يَفْتِنُوهُمْ، نَعَمْ اَخِي: فَانْقَطَعَتْ حُجَّتُهُ عِنْدَ ذَلِكَ. نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ نُتَابِعُ فِي شَرْحِ الْآَيَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ ابْنُ قُدَامَةَ فِي كِتَابِهِ: لُمْعَةُ الِاعْتِقَادِ وَنَقُولُ :هَذَا شُرُوعٌ فِي ذِكْرِ آَيَاتِ الصِّفَاتِ، اَوْ نُصُوصِ الصِّفَاتِ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَى ذِكْرِ اَسْمَاءِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا، اَوْ ذِكْرِ صِفَاتِهِ، نَعَمْ اَخِي: وَصِفَاتُ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: تَنْقَسِمُ بِاَحَدِ الِاعْتِبَارَاتِ اِلَى قِسْمَيْنِ: وَهُمَا: صِفَاتٌ ذَاتِيَّةٌ، وَصِفَاتٌ فِعْلِيَّةٌ، نَعَمْ اَخِي: وَالصِّفَاتُ الذَّاتِيَّةُ: هِيَ الَّتِي لَاتَنْفَكُّ عَنِ الْمَوْصُوفِ مُطْلَقاً، وَهِيَ فِي حَقِّ اللهِ جَلَّ وَعَلَا الَّتِي لَمْ يَزَلِ اللهُ مُتَّصِفاً بِهَا: بِمَعْنَى اَنَّ اللهَ تَعَالَى لَايَتَّصِفُ بِهَا فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ آَخَرَ، بَلْ اِنَّ اتِّصَافَهُ بِهَا سُبْحَانَهُ دَائِمٌ وَذَلِكَ مِنْ مِثْلِ صِفَةِ الْوَجْهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ( نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ الْمَقْدِسِيُّ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ صِفَاتِ اللهِ: الْمَجِيءُ: فَهَذِهِ صِفَاتُ الْاَفْعَالِ وَالْاِتْيَانِ: فَهَذِهِ صِفَاتٌ فِعْلِيَّةٌ، نَعَمْ اَخِي: وَالصِّفَاتُ الْفِعْلِيَّةُ هِيَ الَّتِي يَتَّصِفُ بِهَا اللهُ جَلَّ وَعَلَا بِمَشِيئَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ: بِمَعْنَى اَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَتَّصِفُ بِهَا فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ: بِمَعْنَى اَنَّهُ جَلَّ وَعَلَا لَيْسَ دَائِماً يَنْزِلُ اِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فِي الْهَزِيعِ الْاَخِيرِ مِنَ اللَّيْلِ اَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْاَوْقَاتِ، وَلَيْسَ دَائِماً يَجِيءُ، وَاِنَّمَا يَجِيءُ اِذَا شَاءَ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ: فَهَذِهِ تُسَمَّى الصِّفَاتِ الْفِعْلِيَّةَ الِاخْتِيَارِيَّةَ،، نَعَمْ اَخِي: وَنَعُودُ الْآَنَ اِلَى الْقِسْمِ الْاَوَّلِ وَهُوَ الصِّفَاتُ الذَّاتِيَّةُ الدَّائِمَةُ، وَنَضْرِبُ لِذَلِكَ مَثَلاً آَخَرَ وَلِلهِ الْمَثَلُ الْاَعْلَى فِي صِفَةِ الْيَدَيْنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ{مَامَنَعَكَ اَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ( نَعَمْ اَخِي: وَهَلُمَّ عِلْماً وَفِقْهاً وَدِرَايَةً عَلَى هَذَا النَّحْوِ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ الَّتِي يَتَّصِفُ بِهَا سُبْحَانَهُ، نَعَمْ اَخِي: اَمَّا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ(فَهَذِهِ اَوَّلُ الْآَيَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ الْمَقْدِسِيّ، نَعَمْ اَخِي: وَهَذِهِ الْآَيَةُ صَرِيحَةٌ فِي اِثْبَاتِ صِفَةِ الْوَجْهِ لِلهِ سُبْحَانَهُ، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا وَجْهُ الدَّلَالَةِ الَّتِي اسْتَدَلَّ بِهَا الْمَقْدِسِيُّ مِنْ قَوْلِ اللهِ{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ( فَهُوَ اَنَّهُ تَعَالَى اَضَافَ الصِّفَةَ الَّتِي هِيَ الْوَجْهُ اِلَى الْمُتَّصِفِ بِهَا سُبْحَانَهُ فَقَالَ:{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ(نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ كَلِمَةُ وَجْهٍ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ: فَاعِلٌ مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ الضَّمَّةُ وَهُوَ مُضَافٌ اِلَى الرَّبِّ، وَاَمَّا كَلِمَةُ رَبِّكَ: فَهِيَ مُضَافٌ اِلَى الْوَجْهِ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ عَلَى حَرْفِ الْبَاءِ، وَاَمَّا حَرْفُ الْكَافِ: فَهُوَ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحَةِ فِي مَحَلِّ جَرِّ مُضَافٍ اِلَيْهِ ثَانِي وَهُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ الَّذِي اَضَافَهُ سُبْحَانَهُ اِلَى ذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ اِضَافَةَ تَشْرِيفٍ لَا اِضَافَةَ حُلُولٍ وَلَا اِضَافَةَ اتِّحَادٍ ، كَمَا نَقُولُ مَثَلاً: اِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ اللهِ{ وَاتَّخَذَ اللهُ اِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً( اِتِّخَاذَ تَشْرِيفٍ لِاِبْرَاهِيمَ، لَا اتِّخَاذَ حُلُولٍ مَعَ اِبْرَاهِيمَ، وَلَا اتِّحَادٍ لِاِبْرَاهِيمَ مَعَ الذَّاتِ الْعَلِيَّةِ كَمَا تَزْعُمُ الْمُصْطَلَحَاتُ الشِّرْكِيَّةُ الْوَثَنِيَّة فِي عِيسَى وَالْاَئِمَّةِ الصُّوفِيَّةِ وَالِاثْنَيْ عَشَرِيَّة، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: وَنَحْنُ نَعْلَمُ قَاعِدَةً شَرْعِيَّةً تَوْحِيدِيَّةً مُهِمَّةً: وَهِيَ اَنَّ مَايُضَافُ اِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ: تَارَةً يُضَافُ اِلَيْهِ بِالْمَعْنَى: وَتَارَةً اُخْرَى يُضَافُ اِلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِالذَّاتِ، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: وَيَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ اَيْضاً: اَنَّهُ سُبْحَانَهُ اِذَا كَانَ مَايُضَافُ اِلَيْهِ ذَاتاً تَخُصُّهُ سُبْحَانَهُ اَوْ تَخُصُّ غَيْرَهُ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ: فَتَارَةً هَذِهِ الذَّاتُ تَقُومُ بِنَفْسِهَا وَهِيَ الَّتِي تَخُصُّهُ بِالْاُلُوهِيَّةِ وَلَاتَنْفَصِلُ عَنْهُ كَعَيْنِ اللهِ وَيَدِهِ مَثَلاً: وَتَارَةً اُخْرَى لَاتَقُومُ بِنَفْسِهَا وَهِيَ الَّتِي لَاتَخُصُّهُ بِالْاُلُوهِيَّةِ بَلْ تَنْفَصِلُ عَنْهُ بِالْاُلُوهِيَّةِ وَتَخُصُّهُ بِالْعُبُودِيَّةِ كَعِيسَى وَاِبْرَاهِيمَ وَنَاقَةِ اللهِ مَثَلاً، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ: وَنَضْرِبُ لِذَلِكَ مَثَلاً عَلَى الْمَعْنَى اَوّلاً: فَمَثَلاً صِفَةُ الرَّحْمَةِ وَالْغَضَبِ وَالرِّضَا: فَنَقُولُ مَثَلاً: رِضَا اللهِ، وَغَضَبُ اللهِ، وَرَحْمَةُ اللهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ: فَهَذِهِ هِيَ اِضَافَةُ الْمَعْنَى اِلَى اللهِ جَلَّ وَعَلَا: نَعَمْ اَخِي: وَنَاْتِي الْآَنَ اِلَى اِضَافَةِ الذَّاتِ اِلَى شَيْءٍ يَكُونُ ذَاتاً اَيْضاً: فَتَارَةً هَذَا الذَّاتُ يَكُونُ مُسْتَقِلّاً بِمَعْنَاهُ وَشَيْئاً مَحْسُوساً وَلَيْسَ وَصْفاً بِدُونِ ذَاتٍ وَلَكِنَّهُ ذَاتٌ: فَهَذَا تَارَةً يَكُونُ قَائِماً بِنَفْسِهِ مِنْ مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{ نَاقَةُ اللهِ: فَهُنَا اَضَافَ النَّاقَةَ اِلَى نَفْسِهِ جَلَّ وَعَلَا فَقَالَ:{ نَاقَةَ اللهِ وَسُقْيَاهَا( نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ الْبَيْتُ الَّذِي هُوَ بَيْتُ اللهِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ [ثُمَّ خَرَجَ اِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ( اَوْ[ ثُمَّ مَشَى اِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ( فَهُنَا اَضَافَ الْبَيْتَ اِلَى الله، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: فَهُوَ قَوْلُ اللهِ مَثَلاً حِينَمَا يَقُولُ: وَجْهُ اللهِ، يَدُ اللهِ، سَاقُ اللهِ، قَدَمُ اللهِ،عَيْنُ اللهِ جَلَّ وَعَلَا، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ عَزَّوَجَلَّ، نَعَمْ اَخِي: فَاِذَا اُضِيفَ مَايَقُومُ فِي اَصْلِهِ بِنَفْسِهِ اِلَى اللهِ، فَتَكُونُ الْاِضَافَةُ هُنَا لِلتَّشْرِيفِ وَالتَّعْظِيمِ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: نَاقَةَ اللهِ: اَضَافَ اللهُ هُنَا النَّاقَةَ اِلَى نَفْسِهِ، وَمَعْلُومٌ لَدَيْكَ اَخِي اَنَّ النَّاقَةَ ذَاتٌ مُنْفَصِلَةٌ تَقُومُ بِنَفْسِهَا: فَهَذَا يَقْتَضِي تَشْرِيفَ مَااَضَافَهُ اللهُ تَعَالَى اِلَى نَفْسِهِ، وَيَقْتَضِي تَعْظِيمَهُ لَا اِلَى دَرَجَةِ الشِّرْكِ وَالْعُبُودِيَّةِ لَهُ مَعَ اللهِ اَوْ مِنْ دُونِ الله، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ الْحَالُ فِي قَوْلِهِ: بَيْتُ اللهِ، وَاَمَّا{وَجْهُ اللهِ{وَيَدُ اللهِ فَوْقَ اَيْدِيهِمْ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ فَاِنَّكَ بِاَعْيُنِنَا( وَنَحْوُ ذَلِكَ: فَالْعَيْنُ هُنَا اَخِي، وَالْوَجْهُ، وَالْيَدُ، وَالْقَدَمُ، وَالسَّاقُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ: فَهَذِهِ كُلُّهَا اَخِي ذَوَاتٌ، لَكِنَّهَا لَاتَقُومُ بِنَفْسِهَا مُنْفَصِلَةً عَنِ اللهِ: بِمَعْنَى اَنَّهُ لَايَقُومُ وَجْهٌ بِدُونِ صَاحِبِ وَجْهٍ: بِمَعْنَى اَنَّهُ لَايُوجَدُ وَجْهٌ بِدُونِ صَاحِبِ وَجْهٍ وَهُوَ اللهُ هُنَا، وَلَاتُوجَدُ يَدٌ بِدُونِ صَاحِبِ يَدٍ، وَلَاتُوجَدُ عَيْنٌ بِدُونِ صَاحِبِ عَيْنٍ: فَهَذِهِ اِذَا اُضِيفَتْ اِلَى اللهِ جَلَّ وَعَلَا اَوْ اِلَى غَيْرِهِ: فَهَذِهِ اَخِي تَقْتَضِي الصِّفَةَ وَلَاتَقْتَضِي التَّشْرِيفَ بِحَالٍ، اِلَّا اِذَا اَرَدْنَا تَشْرِيفَ اللهِ بِهَا دُونَ فَصْلِهَا عَنْ ذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ سُبْحَانَهُ كَمَا نَفْصِلُ النَّاقَةَ وَالْبَيْتَ وَالْخَلِيلَ عَنِ اللهِ مَثَلاً، نَعَمْ اَخِي: وَمَعْلُومٌ لَدَيْكَ: اَنَّ اِضَافَةَ الْعَيْنِ وَالْيَدِ وَالْقَدَمِ وَالسَّاقِ اِلَى اللهِ تَقْتَضِي الصِّفَةَ وَلَاتَقْتَضِي التَّشْرِيفَ لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَايَحْتَاجُ اِلَى تَشْرِيفٍ مِنْ اَحَدٍ لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ بِحَدِّ ذَاتِهِ سُبْحَانَهُ شَرِيفٌ وَطَاهِرٌ وَقُدُّوسٌ وَلَايَحْتَاجُ اِلَى اَحَدٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ لِيَقُومَ بِتَشْرِيفِهِ، وَلَكِنَّنَا نَحْنُ مَنْ نَحْتَاجُ اِلَى اَنْ نُشَرِّفَ اللهَ وَنُقَدِّسَهُ وَنُطَهِّرَهُ عَنْ كُلِّ مَالَايَلِيقُ بِهِ مِنَ الشِّرْكِ النَّجِسِ وَغَيْرِهِ حَتَّى يُطَهِّرَنَا سُبْحَانَهُ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْآَثَامِ وَالْمَعَاصِي وَالسَّيِّآَتِ، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ لَايَحْتَاجُ اللهُ اِلَى اَنْ يَجْعَلَ مِنْ عَيْنِهِ عَيْناً صَحِيحَةً سَلِيمَةً شَرِيفَةً طَاهِرَةً مِنَ الْعُيُوبِ؟ لِاَنَّهَا لَمْ تَكُنْ عَوْرَاءَ اَوْ عَمْيَاءَ اَوْ رَمْدَاءَ مِنْ قَبْلُ؟ وَلِاَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَيْسَ عَبْداً لَنَا لِنَاْمُرَهُ بِغَضِّ الْبَصَرِ عَنِ الْحَرَامِ مَثَلاً! وَلَيْسَ عَبْداً لَنَا وَلِاَحْفَادِ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ مِنَ الْيَهُودِ لِنَاْمُرَهُ جَمِيعاً اَنْ تَكُونَ يَدُهُ يَداً مِعْطَاءً مَبْسُوطَةً يُنْفِقُ مِنْهَا كَيْفَ نَشَاءُ نَحْنُ بَلْ يُنْفِقُ مِنْهَا كَيْفَ يَشَاءُ هُوَ سُبْحَانَهُ وَلِذَلِكَ{قَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ! غُلَّتْ اَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا! بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ(هُوَ لَا كَيْفَ نَشَاءُ نَحْنُ وَهُمْ عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللهِ الْمُتَتَابِعَةِ اِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة، نَعَمْ اَخِي: وَاللهُ تَعَالَى لَيْسَ بِحَاجَةٍ اِلَى اَحَدٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ لِيَجْعَلُوا مِنْ كَلَامِهِ كَلَامَ شَرَفٍ وَطَهَارَةٍ وَعَلْيَاءَ! بَلْ هُوَ سُبْحَانَهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ{جَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى {وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا(مُنْذُ الْاَزَلِ الْقَدِيمِ الَّذِي لَابِدَايَةَ لَهُ اِلَى الْحَاضِرِ وَالْمُسْتَقْبَلِ الْبَعِيدِ الَّذِي لَانِهَايَةَ لَهُ *وَلَكِنَّنَا نَحْنُ بِحَاجَةٍ اِلَى اَنْ نَجْعَلَ كَلِمَةَ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فِي نُفُوسِنَا، وَفِي قُلُوبِنَا، وَفِي عُقُولِنَا، وَفِي ضَمَائِرِنَا، وَفِي اَقْوَالِنَا وَاَعْمَالِنَا؟ لِنَعْلُوَ بِهَا فِي الْاَرْضِ عُلُوّاً بَعِيداً عَنْ عُلُوِّ الْمُفْسِدِينَ الْجَبَّارِينَ الْمَغْرُورِينَ الْمُتَعَجْرِفِين... نَعَمْ اَخِي: وَالْخُلَاصَةُ: اَنَّ الْاِضَافَةَ لِلذَّوَاتِ عَلَى قِسْمَيْنِ: فَتَارَةً تَكُونُ الْاِضَافَةُ لِلتَّشْرِيفِ: وَهُوَ مَااُضِيفَ اِلَى اللهِ مِنَ الْاَعْيَانِ مِمَّا يَقُومُ بِنَفْسِهِ كَالنَّاقَةِ مَثَلاً، وَتَارَةً تَقْتَضِي الْاِضَافَةُ الْوَصْفَ اِذَا كَانَ لَايَقُومُ بِنَفْسِهِ كَعَيْنِ اللهِ مَثَلاً، نَعَمْ اَخِي: لَكِنْ قَدْ يَعْتَرِضُ عَلَيْنَا الْمُعْتَرِضُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ( قَائِلِين: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ قَائِماً بِذَاتِهِ: فَهَاهُوَ الْوَجْهُ الَّذِي لَايَبْقَى غَيْرُهُ مِنَ الذَّاتِ الْعَلِيَّةِ، فَكَيْفَ يَقُومُ بِنَفْسِهِ مُنْفَصِلاً دُونَ اَنْ يَحْتَاجَ اِلَى الذَّاتِ الْعَلِيَّةِ لِتَقُومَ مَعَهُ! وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ: اَنْتُمْ كَاذِبُونَ مُفْتَرُونَ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْوَجْهَ لَايَقُومُ بِنَفْسِهِ مِنْ دُونِ وُجُودِ الذَّاتِ الْعَلِيَّةِ غَيْرِ الْمَحْدُودَةِ مَعَهُ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اللهَ هُنَا اَطْلَقَ الْوَجْهَ وَاَرَادَ بِهِ الذَّاتَ الْاِلَهِيَّةَ الْعَلِيَّةَ كُلَّهَا مَعَ الْوَجْهِ: بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَلَدِ{فَكُّ رَقَبَة(فَهُنَا اَيْضاً اَطْلَقَ سُبْحَانَهُ الرَّقَبَةَ وَاَرَادَ بِهَا الذَّاتَ الْجَسَدِيَّةَ كُلَّهَا مِنْ جَسَدِ الْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ اَنْ تَكُونَ مَفْكُوكَةً وَمُحَرَّرَةً، نَعَمْ اَخِي: فَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ( فَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ فِي هَذَا الْقَوْلِ: اَنَّهُ اَضَافَ الْوَجْهَ اِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ سُبْحَانَهُ:{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ( فَاَضَافَ الْوَجْهَ اِلَى الرَّبِّ، فَدَلَّ عَلَى اَنَّ الْوَجْهَ هُوَ صِفَةٌ لَهُ سُبْحَانَهُ، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْمُبْتَدِعَةُ فَيَقُولُونَ: اِنَّ الْوَجْهَ هُنَا بِمَعْنَى الذَّاتِ! فَيَقُولُونَ فِي قَوْلِهِ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ أَيْ وَيَبْقَى رَبُّكَ بِزَعْمِهِمْ، بِمَعْنَى اَنَّهُمْ يُنْكِرُونَ الْوَجْهَ الَّذِي اَثْبَتَهُ اللهُ لِنَفْسِهِ! وَنَقُولُ رَدّاً عَلَيْهِمْ: اِنَّ اللهَ قَالَ هُنَا: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ( ثُمَّ وَصَفَ الْوَجْهَ بِقَوْلِهِ {ذُو الْجَلَالِ وَالْاِكْرَامِ( وَكَلِمَةُ ذُو: هِيَ صِفَةٌ لِلْوَجْهِ مَرْفُوعَةٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهَا الْوَاوُ لِاَنَّهَا مِنَ الْاَسْمَاءِ الْخَمْسَةِ، نَعَمْ اَخِي: وَحِينَمَا اَرَادَ الْقُرْآَنُ اَنْ يَصِفَ الرَّبَّ بِذَاتِهِ وَبِوَجْهِهِ اَيْضاً فَاِنَّهُ قَالَ{تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْاِكْرَام( وَكَلِمَةُ ذِي: هِيَ صِفَةٌ لِكَلِمَةِ رَبِّكَ مَجْرُورَةٌ مِثْلُهَا وَعَلَامَةُ جَرِّهَا الْيَاءُ لِاَنَّهَا مِنَ الْاَسْمَاءِ الْخَمْسَةِ الْمَعْرُوفَةِ وَهِيَ (اَبٌ، اَخٌ، حَمٌ، ذُو، فُو اَوْ فَمٌ( نَعَمْ اَخِي: فَوَصَفَ الْقُرْآَنُ فِي اَوَّلِ سُورَةِ الرَّحْمَنِ الْوَجْهَ: بِاَنَّهُ ذُو الْجَلَالِ وَالْاِكْرَامِ، ثُمَّ وَصَفَ نَفْسَهُ سُبْحَانَهُ دُونَ اسْمِهِ فِي آَخِرِ السُّورَةِ بِقَوْلِهِ{ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْاِكْرَام( فَلَامَجَالَ لِلْمُبْتَدِعَةِ هُنَا فِي اِنْكَارِ مَااَثْبَتَهُ اللهُ لِنَفْسِهِ مِنْ صِفَةِ الْوَجْهِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا بِذَاتِهِ: هُوَ ذُو الْجَلَالِ وَالْاِكْرَامِ، وَبِوَجْهِهِ اَيْضاً: هُوَ سُبْحَانَهُ ذُو الْجَلَالِ وَالْاِكْرَامِ: بِمَعْنَى اَنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ ذُو الْجَلَالِ وَالْاِكْرَامِ بِنَفْسِهِ، وَبِصِفَاتِهِ اَيْضاً هُوَ ذُو الْجَلَالِ وَالْاِكْرَام، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ( تَجْرِي عَلَيْهِ نَفْسُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ اَيْضاً لِمَاذَا؟ لِاَنَّ هَذِهِ الْآَيَةَ هِيَ مِنْ آَيَاتِ الصِّفَاتِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْقُرْآَنَ اَضَافَ هُنَا ذَاتاً لَاتَقُومُ بِنَفْسِهَا اِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي اَضَافَهَا سُبْحَانَهُ اِلَى نَفْسِهِ وَهِيَ الْيَدَانِ: فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اَنَّ الْقُرْآَنَ اَضَافَ هَذِهِ الصِّفَةَ اِلَى مَوْصُوفٍ اَوْ مُتَّصِفٍ بِهَا وَهُوَ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ، نَعَمْ اَخِي: وَالْيَدُ فِي الْقُرْآَنِ الْكَرِيمِ: تَاْتِي تَارَةً مُفْرَدَةً، وَتَارَةً مُثَنَّاةً، وَتَارَةً مَجْمُوعَة، نَعَمْ اَخِي: اَمَّا الْمَجْمُوعَةُ وَهِيَ كَلِمَةُ اَيْدِي: فَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى{اَوَلَمْ يَرَوْا اَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ اَيْدِينَا(فَجَعَلَهَا الْقُرْآَنُ هُنَا مَجْمُوعَةً وَهِيَ كَلِمَةُ اَيْدِينَا، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْمُثَنَّاةُ وَهِيَ كَلِمَةُ يَدَاهُ وَيَدَيَّ: فَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى{مَامَنَعَكَ اَلَّا تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ( فَجَعَلَهُمَا الْقُرْآَنُ هُنَا اثْنَتَيْنِ، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْمُفْرَدَةُ: فَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ( نَعَمْ اَخِي: فَهَلْ هُنَاكَ تَعَارُضٌ بَيْنَ الْاِفْرَادِ وَالتَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ؟ وَهَلْ يُوصَفُ اللهُ تَعَالَى بِاَنَّ لَهُ يَداً وَاحِدَةً؟ اَوْ يُوصَفُ بِاَنَّ لَهُ يَدَيْنِ؟ اَوْ يُوصَفُ بِاَنَّ لَهُ اَيْدِي؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ: اَنَّهُ يُوصَفُ جَلَّ وَعَلَا بِاَنَّ لَهُ يَدَيْنِ فَقَطْ، لَكِنْ مَاهِيَ الْقِصَّةُ وَالسَّالِفَةُ فِي اِضَافَةِ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ اِلَيْهِ سُبْحَانَهُ: وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: هَذَا مِنْ اِضَافَةِ الْجِنْسِ، وَهَذَا مَعْرُوفٌ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ حِينَمَا يُضِيفُ الْعَرَبُ الْمُفْرَدَ وَيُرِيدُونَ بِهِ الْجِنْسَ الْمَجْمُوعَ كُلَّهُ كَقَوْلِهِمْ مَثَلاً: فُلَانٌ اَلْقَى كَلِمَةً! فَهَلْ هِيَ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ؟ اَمْ كَلِمَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ اَلْقَاهَا اَوْ خَطَبَهَا اَمَامَ النَّاسِ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي بَلْ هِيَ كَلِمَاتٌ كَثِيرَةٌ، وَمَعَ ذَلِكَ يُعَبِّرُ الْعَرَبُ فِي لُغَتِهِمْ عَنْ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي اَلْقَاهَا الشَّاعِرُ اَوِ الْخَطِيبُ اَمَامَ النَّاسِ بِالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ وَيُرِيدُونَ مِنْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ كَلِمَاتٍ كَثِيرَةً مُتَعَدِّدَةً لِمَاذَا؟ لِاَنَّ هَذِهِ الْخُطْبَةَ الَّتِي يُعَبِّرُ عَنْهَا الْعَرَبُ بِالْكَلِمَةَ هِيَ مِنْ جِنْسِ الْكَلِمَاتِ الْكَثِيرَةِ الْمَجْمُوعَةِ الَّتِي اَلْقَاهَا الْخَطِيبُ، نَعَمْ اَخِي وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى{اِنَّ اِبْرَاهِيمَ كَانَ اُمَّة(وَاِبْرَاهِيمُ شَخْصٌ مُفْرَدٌ وَاحِدٌ، وَمَعَ ذَلِكَ قَالَ اللهُ عَنْهُ بِلُغَةِ الْعَرَبِ: اَنَّهُ اُمَّةٌ مَجْمُوعٌ فِيهَا اَشْخَاصٌ كَثِيرُونَ لَاعَدَّ لَهُمْ وَلَاحَصْرَ، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ الْيَدُ الْوَاحِدَةُ: فَحِينَمَا يَتَكَلَّمُ سُبْحَانَهُ بِلُغَةِ الْعَرَبِ يُرِيدُ بِهَا يَدَيْنِ لَايَداً وَاحِدَةً، نَعَمْ اَخِي: وَاللهُ اَعْلَمُ اِنْ كَانَ اللهُ يُرِيدُ مِنَ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا جِهَةً وَاحِدَةً بِاتِّجَاهِ الْيَمِينِ اَوْ وَحْدَةَ الاتِّجَاهِ اِلَى الْيَمِينِ اَوْ تَوْحِيدَ هَذَا الاتِّجَاهِ اِلَى الْيَمِينِ كَمَا وَرَدَ فِي بَعْضِ الْاَحَادِيثِ[ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِين(بِمَعْنَى اَنَّ اللهَ لَايَلِيقُ بِهِ اَنْ تَكُونَ لَهُ يَدٌ يَسَارِيَّةٌ اَوْ شِمَالِيَّةٌ،بَلْ كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِين، نَعَمْ اَخِي: لَكِنْ مَاقِصَّةُ الْجَمْعِ فِي قَوْلِ الْقُرْآَنِ{اَوَلَمْ يَرَوْا اَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ اَيْدِينَا( وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: هُنَا جَمَعَ الْقُرْآَنُ؟ لِاَجْلِ اَنَّ الْعَرَبَ فِي لُغَتِهَا: اَنَّ الْمُثَنَّى اِذَا اُضِيفَ اِلَى ضَمِيرِ جَمْعٍ اَوْ تَثْنِيَةٍ، فَاِنَّهُ يُجْمَعُ لِاَجْلِ خِفَّةِ اللَّفْظِ، وَذَلِكَ مِنْ مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَبِدَلِيلِهِ اَيْضاً{اِنْ تَتُوبَا اِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا(نَعَمْ اَخِي: هُمَا امْرَاَتَانِ خَاطَبَهُمَا الْقُرْآَنُ بِقَوْلِهِ{اِنْ تَتُوبَا اِلَى اللهِ(ثُمَّ قَالَ{فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا( لِمَاذَا؟ لِاَجْلِ خِفَّةِ اللَّفْظِ الَّذِي يَسْتَسِيغُهُ الْعَرَبُ وَلَايَسْتَسِيغُونَ لَفْظاً ثَقِيلاً مِنْ مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى مَثَلاً: فَقَدْ صَغَيَا قَلْبَاكُمَا مَعَ عِلْمِهِ تَعَالَى اَنَّ الْمَرْاَتَيْنِ لَهُمَا قَلْبَانِ لَاثَالِثَ لَهُمَا، وَمَعَ ذَلِكَ عَبَّرَ الْقُرْآَنُ عَنْ هَذَيْنِ الْقَلْبَيْنِ بِالْجَمْعِ فِي كَلِمَةِ قُلُوبُكُمَا لِمَاذَا؟ لِاَنَّ هَذَا مِنْ مُقْتَضَيَاتِ لُغَةِ الْعَرَبِ وَسُنَّتِهِمْ وَعَادَتِهِمْ فِي تَدَاوُلِهِمْ لِلُغَتِهِمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَاِلَّا فَاِنَّهُمْ يَسْتَطِيعُونَ اِقْنَاعَ النَّاسِ جَمِيعاً فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ اَنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ هُوَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ بِحُجَّةِ اَنَّ مُحَمَّداً وَرَبَّ مُحَمَّدٍ لَايُتْقِنَانِ لُغَةَ الْعَرَبِ، وَلَايُتْقِنَانِ مَايَسْتَسِيغُهُ الْعَرَبُ مِنْ خِفَّتِهَا اَوِ اخْتِصَارِهَا وَبَلاغَتِهَا، نَعَمْ اَخِي: وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَسْتَطِيعُوا اِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً؟ لِاَنَّ الْاَكْثَرِيَّةَ السَّاحِقَةَ الَّتِي آَمَنَتْ بِهَذَا الْقُرْآَنِ: كَانَتْ تُتْقِنُ لُغَةَ الْعَرَبِ جَيِّداً، وَكَانَتْ تَعْلَمُ اَنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافاً كَثِيراً(رَكِيكاً غَيْرَ مُسْتَسَاغٍ فِي لُغَتِهِمُ الْعَرَبِيَّةِ، وَاَمَّا فِي اَيَّامِنَا: فَنَحْنُ ابْتَعَدْنَا عَنْ هَذَا الْقُرْآَنِ، وَلَمْ نُؤْمِنْ بِهِ اِيمَاناً حَقِيقِيّاً؟ لِاَنَّنَا لَانُتْقِنُ اِلَّا الْقَلِيلَ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ اِذَا اُضِيفَ الْمُثَنَّى اِلَى ضَمِيرِ تَثْنِيَةٍ اَوْ ضَمِيرِ جَمْعٍ: فَاِنَّهُ يَجُوزُ جَمْعُهُ طَلَباً لِخِفَّةِ اللَّفْظِ، وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى عَلَى الشَّكْلِ التَّالِي {اَوَلَمْ يَرَوْا اَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ اَيْدِينَا(نَعَمْ اَخِي وَكَيْفَ السَّبِيلُ اِلَى خِفَّةِ اللَّفْظِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ لَوْ قَالَ اللهُ: مِمَّا عَمِلَتْ يَدَانَا اَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُون(نَعَمْ اَخِي: وَكَيْفَ السَّبِيلُ اِلَى اَنْ يُعَظِّمَ اللهُ نَفْسَهُ اَوْ يَدَيْهِ بِالْمُفْرَدِ اَوِ الْمُثَنَّى وَبِغَيْرِ الْجَمْعِ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: لَايُمْكِنُ بِحَالٍ مِنَ الْاَحْوَالِ بِلُغَةِ الْعَرَبِ اَنْ يُعَظِّمَ اللهُ نَفْسَهُ اَوْ يُعَظِّمَ يَدَيْهِ بِبَلَاغَةٍ فَائِقَةٍ لَامَثِيلَ لَهَا بِغَيْرِ صِيغَةِ الْجَمْعِ، لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْجَمْعَ يَفُوقُ الْمُثَنَّى وَالْمُفْرَدَ فِي التَّعْظِيمِ، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ قَارِنْ فِي التَّعْظِيمِ الْبَلَاغِيِّ الْاَشَدِّ بَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْمُفْرَدِ{اِنَّنِي اَنَا اللهُ لَا اِلَهَ اِلَّا اَنَا فَاعْبُدْنِي وَاَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي(وَبَيْنَ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ فِي الْجَمْعِ{ اَوَلَمْ يَرَوْا اَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ اَيْدِينَا{تَبَارَكَ اللهُ اَحْسَنُ الْخَالِقِينَ{اِنَّا اَنْزَلْنَا اِلَيْكَ الْكِتَابَ{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ اَحْسَنَ الْقَصَصِ(اِلَى آَخِرِ مَاهُنَالك مِنَ الشَّوَاهِدِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى اَنَّ تَعْظِيمَ اللهِ لِنَفْسِهِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ هُوَ اَشَدُّ بَلَاغَةً وَتَعْظِيماً مِنْ تَعْظِيمِهِ لِنَفْسِهِ اَوْ لِصِفَاتِهِ سُبْحَانَهُ بِصِيغَةِ الْمُفْرَدِ اَوِ الْمُثَنَّى كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، نَعَمْ اَخِي: فَكَلِمَةُ اَيْدِينَا هُنَا جَمْعٌ، وَلَيْسَ ثَمَّةَ مُعَارَضَةٌ بَيْنَ هَذَا الْجَمْعِ وَبَيْنَ الْمُثَنَّى فِي قَوْلِهِ{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ{مَامَنَعَكَ اَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ( بَلْ جَمَعَ سُبْحَانَهُ هُنَا؟ لِاَنَّهُ اَضَافَ الْمُثَنَّى اَصْلاً اِلَى ضَمِيرِ الْجَمْعِ وَهُوَ نَا الدَّالَّةُ عَلَى جَمَاعَةِ الْفَاعِلِينَ فِي كَلِمَةِ اَيْدِينَا، فَجَمَعَ لِاَجْلِ الْخِفَّةِ فِي اللَّفْظِ، نَعَمْ اَخِي: وَاَصْلُ الْكَلَامِ {اَوَلَمْ يَرَوْا اَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ يَدَانَا اَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ(ثُمَّ صَارَتْ اَيْدِينَا لِمَاذَا؟ لِاَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَقْتَضِيهِ لِسَانُ الْعَرَبِ فِي لُغَتِهِمُ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ اَجْلِ خِفَّةِ اللَّفْظِ وَمِنْ اَجْلِ تَعْظِيمِ اللهِ لِيَدَيْهِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَلِنَفْسِهِ وَلِذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ اَيْضاً بِصِيغَةِ الْجَمْعِ مِنْ مِثْلِ قَوْلِهِ مَثَلاً{تَبَارَكَ اللهُ اَحْسَنُ الْخَالِقِينَ( نَعَمْ اَخِي: وَالْخُلَاصَةُ اَنَّنَا نَصِفُ اللهَ جَلَّ وَعَلَا بِاَنَّ لَهُ يَدَيْنِ، وَاَمَّا الْآَيَاتُ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الْيَدِ وَالْاَيْدِي: فَاِنَّهَا جَمِيعاً تَدُلُّ عَلَى التَّثْنِيَةِ، وَاَمَّا اِنْ دَلَّتْ عَلَى الْمُفْرَدِ وَالْجَمْعِ فِي مَوَاضِع مِنَ الْقُرْآَنِ: فَاِنَّ الْمُفْرَدَ لَايُعَارِضُ التَّثْنِيَةَ، وَكَذَلِكَ الْجَمْعُ لَايُعَارِضُ التَّثْنِيَةَ اَيْضاً، نَعَمْ اَخِي: وَنَحْنُ نَسْتَطِيعُ فِي لُغَتِنَا الْعَرَبِيَّةِ اَنْ نَسْتَعِيرَ الْجَمْعَ مِنْ اَجْلِ التَّعْبِيرِ عَنِ التَّثْنِيَةِ، وَنَسْتَطِيعُ اَيْضاً اَنْ نَسْتَعِيرَ الْفِعْلَ الْمُفْرَدَ مِنْ اَجْلِ التَّعْبِيرِعَنِ الْجَمْعِ وَالتَّثْنِيَةِ مِنْ مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{صَغَتْ( وَفِيهِ مَافِيهِ مِنْ تَاءِ التَّاْنِيثِ الْمُفْرَدَةِ السَّاكِنَةِ(كَمَا نَسْتَطِيعُ اَيْضاً اَخِي اَنْ نَسْتَعِيرَ الْجَمْعَ مِنْ اَجْلِ التَّعْبِيرِ عَنِ الْمُفْرَدِ مِنْ مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{نَحْنُ نَقُصُّ(فَهُنَا اَطْلَقَ سُبْحَانَهُ الْجَمْعَ وَاَرَادَ بِهِ الْمُفْرَدَ مِنْ ذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ سُبْحَانَهُ، نَعَمْ اَخِي: كَمَا اَنَّنَا نَسْتَطِيعُ اَيْضاً اَنْ نَسْتَعِيرَ الْمُثَنَّى مِنْ اَجْلِ التَّعْبِيرِ عَنِ الْمُفْرَدِ: وَذَلِكَ مِنْ مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ مُوسَى وَهَارُونَ وَهُمَا مُثَنَّى{اِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِين( في الآية رقم 16 مِنْ سُورَةِ الشُّعَرَاء، نعم اخي: فَاجْتَمَعَ مُوسَى وَهَارُونَ هُنَا وَهُمَا مُثَنَّى فِي رَسُولٍ وَاحِدٍ اَوْ شَخْصٍ مُفْرَدٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ يَقُولَا هُنَا {اِنَّا رَسُولَا رَبِّ الْعَالَمِينَ( اِلَّا فِي آَيَةٍ اُخْرَى، نَعَمْ اَخِي: وَنَسْتَطِيعُ اَيْضاً فِي لُغَتِنَا الْعَرَبِيَّةِ اَنْ نَسْتَعِيرَ الْمُفْرَدَ مِنْ اَجْلِ التَّعْبِيرِ عَنِ الْمُثَنَّى، وَذَلِكَ مِنْ مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ رَسُولِ اللهِ وَاَبِي بَكْرٍ وَهُمَا مُثَنَّى{ ثَانِيَ اثْنَيْنِ اِذْ هُمَا فِي الْغَارِ اِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَاتَحْزَنْ اِنَّ اللهَ مَعَنَا فَاَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ( أَيْ عَلَيْهِمَا{وَاَيَّدَهُ(أَيْ اَيَّدَهُمْا{بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا( نَعَمْ اَخِي: وَبَعْضُ اَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{اَيْدِينَا(هَذَا جَمْعٌ: وَاَقَلُّ الْجَمْعِ اثْنَانِ، نَعَمْ اَخِي: لَكِنْ نَحْنُ لَانَسْتَدِلُّ عَلَى مَانَقُولُ بِاَمْرٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ بَعْضَ اَهْلِ الْعِلْمِ الْآَخَرِينَ يَقُولُونُ: اَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَة، وَلِذَلِكَ نَحْنُ لَانَسْتَسِيغُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْعَقَائِدِيَّةِ الْمُشْكِلَةِ اَنْ نُحِيلَ الْعَوَامَّ الْبُسَطَاءَ مِنَ النَّاسِ ذَوِي الْعُقُولِ الْمُحْدُودَةِ وَالْقَاصِرَةِ اِلَى اَمْرٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ لَيَفْهَمُوا تَوْحِيدَ الْاَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، بَلْ اِلَى اَمْرٍ مُتَيَقَّنٍ مِنْهُ وَهُوَ مَانَعْلَمُهُ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ بِدَلَالَةِ الْاَشْعَارِ الَّتِي كَانُوا يُنْشِدُونَهَا، وَلِذَلِكَ فَاِنَّ شَوَاهِدَنَا عَلَى مَانَقُولُ كَثِيرَةٌ مِنْ شِعْرِ الْعَرَبِ وَلُغَتِهِمْ، وَلَكِنْ يَكْفِيكَ اَخِي اَنْ تَحْفَظَ قَوْلَهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ التَّحْرِيمِ{فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا(نَعَمْ اَخِي: وَوَصِيَّتِي الْاَخِيرَةُ لَكَ فِي هَذِهِ الْمُشَارَكَةِ وَهِيَ وَصِيَّةٌ هَامَّةٌ جِدّاً جِدّاً جِدّاً: اَلَّا تَنْخَدِعَ بِقَوْلِ الشِّيعَةِ وَالْمُتَصَوِّفَةِ حِينَمَا يَتَسَاءَلُونَ بِوَقَاحَةٍ لَامَثِيلَ لَهَا عِنْدَ اللهِ قَائِلِين: لِمَاذَا هَذَا التَّدْقِيقُ الشَّدِيدُ الْمُتَشَدِّدُ عَلَى اَسْمَاءِ اللهِ وَصِفَاتِهِ؟ وَنَقُولُ لِلشِّيعَةِ وَالْمُتَصَوِّفَةِ الْخُبَثَاءِ: لِاَنَّ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ شَعْرَةٌ وَكَذَلِكَ بَيْنَ التَّوْحِيدِ وَالْاِشْرَاكِ بِاللهِ شَعْرَة،،، وَلِلْحَدِيثِ بَقِيَّةٌ اِنْ شَاءَ الله، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، وصلى الله على نبينا محمد رسول الله وعلى ازواجه وذريته وآله واصحابه، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته من اختكم في الله آلاء، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين


كلمات البحث

جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل ، واجبات ، ملخصات ، ملازم ، أسئلة ، جامعة ، كوفي كوب





dhhdih hgkfd h`h [hx; hglclkhj dfhduk;





رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 05:32 AM.

أقسام المنتدى

الترحيب بأعضاء منتديات كوفي كوب الجدد @ المقهى الأداري ~ @ ,,مُـلْتٍـَقَـى ـآلْمُـٍشْرٍفِـيِـنْ ~ @ المقهى العام ~ @ .. خَارِجْ عَنْ القَانُون ~ @ صحيفة كوفي كوب الألكترونية Newspaper Coffee cup @ المـقهى الأسلامي ~ @ أناشيد - ترانيم @ المقهى الأدبي ~ @ خفقات ورق @ قافية شاعر @ المقهى التقني ~ @ H A R D disĸ @ .. мsи ~ @ .. طموح المتعلم ~ @ جنة الرحمن @ لكـٍ وله Cάfe ~ @ .. يُحْكَـى أَنـْ ~! @ المقهى الترفيهي ~ @ .. زاويه للتمرد ~ @ Cάfe gaℓℓeяy ~ .. @ .. شَغَبْ / لاَ " مُحْتَسـبْ ~" @ .. إِيتَكِيتْ /أُنثــــى ~ @ .. المُقْتَرحَاتْ والشَكَــاوي ~ @ Cάfe sport ~ @ المقهى الرياضي Sports cafe @ الرياضة العالمية World Sports @ .. عزيزنا العميلْ ~ @ المقهى الرمضاني @ الحوار والنقاش الجاد @ مساحه بلا قيود @ .. بَرِسْتِيْج رَجُل ~ @ مقهى مالذ و طاب @ ..أخبارنا ~ @ مقهى الركن الهادئ Corner Cafe Pacific @ ~ Cάr,s Cάfe @ .. بُقْعـة ضَـــوءْ ~ @ مقهى اليوم الوطني @ Cόғғee cυp ~ @ Coffee cup للسفر والسياحه ~ @ الرياضة الخليجية والعربية Gulf and Arab sports @ مقهى الصحة العامة Public Health Café @ دورة كأس الخليج @ ..Mms..°؛ @ ..Sms..°؛ @ الجنادرية @ المقهى التعليمي ~ @ أخبار التعليم @ تحاضير المعلمين والمعلمات @ دورة الفوتوشوب الأولى adobe photoshop @ فعاليات ومسابقات الكوفيين @ مقهى رِيشـَة مُبْدِعْ ~ @ حقيبة المصممـ @ معرض تصاميمك @ مدرسة الفوتوشوب والأمج ردي ...! |~ @ كأس القارات @ طلب الإعلان في منتديات كوفي كوب @ صادوه @ كشكول كوفي @ دوري أبطال الخليج (خليجي 27 للأندية) @ دوري أبطال اوروبا SHAMPIONS LEAGUE @ بطولة كأس العالم للشباب @ تطويــر الــــذات ~ @ اللغة الانجليزية English Lnaguage @ قهوة الأعضاء @ يوميات أعضاء الكوفي كوب @ Windows Live Messenger @ بلاك بيري BlackBerry @ آي فون- آيباد - آيبود Ipod - Iphone - Ipad @ العضوية الماسية @ كأس الأمم الأفريقية @ المواضيع المميزة @ الدورة الماسنجرية الأولى @ الأحاديث الضعيفة والروايات المكذوبة @ كأس العالم world cup @ أدوات المطبخ Kitchenware @ الأطباق الرئيسية Main Dishes @ الحلويات sweets @ المعجنات pastry house @ المقبلات والسلطات والشوربات Soups& Appetizers & Salad @ المشروبات الساخنه والبارده Hot & Cold Beverages @ طبخ بيد أعضاء كوفي كوب Cooking Made by Coffee Cup Member @ Coffee Girls @ فاشن وأزياء Fashion @ مكياج وعطورات Makup - Perfumes @ إكسسوارات Accessories @ العناية بالبشرة والشعر والجسم Skin - Body - Hair Care @ الأمومة والطفولة Childhood and Motherhood @ فلسفة بنات Philosophy OF Woman @ مقهى مالذ و طاب @ كأس الخليج للمنتخبات الأولمبية @ بطولة النخبة الدولية - أبها @ مقهى الركن الهادئ Corner Cafe Pacific @ فعاليات ومسابقات الكوفي الرمضانية @ ختم القرآن @ تهاني الألفيات @ الديكورات Decoration @ الأثاث المنزلي Furniture @ الأكسسوارات المنزلية Home Accessorys @ الإضاءة Lighting @ الحدائق المنزلية Home Landscaping @ دورات المياه والمسابح Swimmig Pools - W.S -Baths @ تنظيم المنزل Outdoor Decorstion @ كأس العالم للأندية Club World Cup @ اعْتِرَافَاتِ كُوْفٍـــيُـ / ـــهِ @ كأس آسيا - Asian Cup @ أرشيف قسم ملتقى المشرفين @ دورة وسائط كوفي كوب Cycle modes Coffee cup @ دوري أبطال آسيا 2011 @ الروايات بخط الأعضاء @ الروايات الطويلة @ هذيان ورق @ كأس الخليج للناشئين @ نبض الحروف @ الدورات والدروس الحصرية على الكوفي كوب @ دورة الألعاب الرياضية الخليجية الأولى - بحرين 11 - BAHRAIN 11 @ يوتيوب كوفي كوب You Tube coffee cup @ جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل - جامعة الدمام سابقاً - التعليم عن بعد @ ذوي الاحتياجات الخاصه Special Education @ بطولة أمم أوروبا 2012 EURO @ التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم لكرة القدم @ كأس العرب لكرة القدم - السعودية 2012 ARAB CUP @ المقهى الرمضاني @ أجوبة مسابقة الكوفي كوب الرمضانية @ كأس الاتحاد العربي للأندية 2012/2013 @ ASK ME @ أرشيف مواضيع اليوم الوطني @ التعليم عن بعد والتعليم الألكتروني - جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل - جامعة الدمام سابقاً @ تخصص إدارة أعمال @ المستوى الأول @ تخصص علم إجتماع و دراسات إسلامية @ المستوى الأول - المستوى الثاني @ المستوى الثالث @ المستوى الخامس @ المستوى الثالث - المستوى الرابع @ المستوى الخامس - المستوى االسادس @ تجمعنا @ المستوى السابع @ المستوى السابع - المستوى الثامن @ تجمعنا @ 1 @ الإستفسارات و الإستشارات لتسجيل الطلاب الجدد في جامعة الإمام عبدالرحمن الفيصل - جامعة الدمام سابقاً @ الإعلانات الدينية @ المستوى الثاني @ المستوى الرابع @ المستوى السادس @ المستوى الثامن @ أخبار التقديم والتسجيل والقبول في الجامعات والكليات والمعاهد @ الدورات والدروس الحصرية على الكوفي كوب @ منتدى الوظائف والدورات التدريبية @ منتدى الوظائف الشاغرة @ منتدى الدورات التدريبية @ برامج التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد لمرحلة الدبلوم جامعة الملك فيصل @ جامعة الملك فيصل - برامج التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد لمرحلة الدبلوم @ تخصص الإدارة العامة @ تخصص التسويق والمبيعات @ تخصص المصرفية والتأمين @ المستوى الأول - تخصص الادارة العامة @ المستوى الأول - تخصص التسويق والمبيعات @ المستوى الأول - تخصص المصرفية والتأمين @ المستوى الثاني - تخصص الادارة العامة @ المستوى الثاني - تخصص التسويق والمبيعات @ المستوى الثاني- تخصص المصرفية والتأمين @ المستوى الثالث - تخصص الادارة العامة @ المستوى الثالث - تخصص التسويق والمبيعات @ المستوى الثالث - تخصص المصرفية والتأمين @ المستوى الرابع - تخصص الادارة العامة @ المستوى الرابع - تخصص التسويق والمبيعات @ المستوى الرابع - تخصص المصرفية والتأمين @ مواقع التواصل الإجتماعي @ تويتر Twitter @ سناب شات Snabchat @ انستغرام Instagram @ فيسبوك facebook @ يوتيوب You Tube @ واتس أب Whats App @ تيك توك Tik Tok @ ثريدز THREADS @



جميع المواضيع والآراء تمثّل وجهة نظر كاتبها فقط ولا تمثّل منتديات كوفي كوب بأي شكل من الأشكال ما لم يوضّح غير ذلك
 
   

Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0