. .
سلامُ الله ورحمته وبركاته .
بعد التحيّة والسلام , يطيبُ لي مُحاورةَ الكِرام ,
مالي أرى عقول الناس في مجتمعنا المُحافظ ما بات يسكنها إلا ثقافة (المحسوبيات)،
حتى أصبحت مثاراً للفخر لا تطرق أسماعك بالمجامع إلا هي !
فترى فلانٌ يُشادُ به في أمرٍ يستحيلُ على قدرهُ في -العادة-؛ فما تلبثَ إلا وتسأله عن ذلك حتى يجيبكُ بإبتسامة ماكرة: (جبتها وبس) !
و على الجانب الآخر شاخت و تهالكتْ ثقافة النظام ,
حتى بات لا يذكرها ذاكر ، ولا يُفتّشُ عنها مُطَّلِعْ ،
ناهيك عن العيش بقواعدها والإلتزام بروتينها .
وحتى باتت الأمُّ تُهدهدُ طِفلها المُدلّل عند النوم الذي جاوز البلوغ ، والذي لم يفلحُ في شي قطّ لتبَلُّدِهِ ،
وتهمسُ له بأن يجبُ أن يحصل فقط على شهادة الثانوية او نحوها ،
ولا يحملُ همَّ الوظيفة فأباه أو خاله أو عمه-المُنقذ- سيتكفلُ بإيجادها !
لينبذَ ذاك الفتى ما تربى عليه من الكِفاح ويتطّعمَ الإتكاليّة صغيراً .
حتَى إنه مَا إن يكبر الا و يقتنعَ أنَّ ما تعلمهُ صغيراً ماهوَ إلا مُجرد كَذبة صارخة !
وأنبجسَ في المجتمع شبحُ (البطالة) المخيفُ الذي طالَ كل السواعد الفتية البسيطة وأرجفَ أحلامُها الجميلة ،
فسيَّرتْ المجتمعَ -المحافظ- إلى طَبَقيّة خفيّة مُقيتة سيظهرُ عَوارها عن قريب !
وغّزَتْ هذه الثقافة الجهات الرسمية والدوائر التابعة لها ,
فما تمخضتْ إلا الخيبةَ ولا أنتجت إلا العدمْ !
فأصبحتْ حاجاتُ الناس (قليلها وكثيرها) لا تُسيّرُ ولاينقضي غالبها إلا بها .
لقد ذُبحت كفاءات التميز بمُدْية (المحسوبيات) ،
وأستخْلفها قومٌ ليسوا بها أهلاً فعصفتْ الفوضوية بنظامنا الأساس ,
فأصبحَ لا يُرى إلا شكلاً وصورة .....!
في حين أصبحت معاييرُ الإختيار من كفاءات و أولويات:
* من أي عائلةٍ أنت !؟
* من الذي استوصى بك وأرسلك !؟
* ما المصلحةُ العائدة لي بعدك!؟
حقيقةً إني ضقتُ ذرعاً بمن أجالس فأسمعُ منهم الظلم بجميع ألوانه وأشكاله وقصصه ،
والمعوّلُ كونه ليس من عائلةٍ معروفة وعريقة !
فباتت في خاطري مقولةً لهولاء النفر من المتميزين النوادر :
" إنهم كفقراءِ اليهود، لا دنيا تحصلوها، ولا آخرة جنوها "
لأنهم لم يجدوا ملجأً ولا مغاراتٍ ولا مُدَّخَراً ليجمحوا بما تميزوا به إليها .
واخيراً إنني أصرخُ في وادي المسؤلينَ -والله معيني من بعد ذلك-
أن يتردد صداه بكل أُذنٍ فلا ينقطع :
أن تداركوا الجيل الناشئ الوارث من العقول الصغيرة الطامحة ,
وربوه على ثقافة النظام وأهميتها واقعاً ومستقبلا بطرقٍ تقريبية ،
وأن حياة الأفراد ستكونُ بهيمية فوضوية لو فكروا بغيره !
وتداركوا الجيل القائم الذي شاخ : بتسخير كل وسائل الإعلام ليُغيّر مُعْتَقَداته ..
التحية ..
،