الجواب: أولاً: الميت يشعر بالحي إذا زاره عند قبره ويسمعه فيأنس أو يتألم فقط، ولا يستطيع أن يعمل بأي وصية من وصايا الحي. فلو قال له الحي: لا تنس أن تجيب الملكين إذا سألاك: من ربك؟ فقل: ربي الله، ما دينك ؟ فقل: الإسلام، من نبيك؟ فقل: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإن الميت لا ينتفع بهذه الوصية ولا يستطيع أن يعمل بها. ولو قال الحي له: ادع الله لي، فإنه لا يستطيع أن يدعو الله له ولا يفعل شيئاً، فلا يمكنه إجابة داعيه لما سيأتي بيانه.
(يتألم الميت إذا بكى الزائر) قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله عليه). رواه البخاري. ولا يظن أحد أن الميت يعاقب إذا بكى أهله عليه، وإنما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ليعذب). والعذاب هو الألم، أي يتألم عندما يبكون عليه. وقد يتألم الإنسان لحدوث أمور يكرهها وتكدره وتضايقه دون أن تمسه النار ودون أن يضرب، كقول النبي عليه الصلاة والسلام: (السفر قطعة من العذاب). لا يعني أنه يعذب بالنار بسبب سفره، وإنما لما يصيبه من الألم والكدر والضيق عند مفارقة الأهل والأولاد والأوطان. وكما يسمع النائم صراخ الأولاد وهو يريد النوم فيتضايق ويتألم ويتضجر، وكذلك الميت إذا بكى من حوله بكاءً فيه صياح أو عويل وتضجر وكلاماً لا يحمد فإنه يتألم ويتضايق منه. وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية.
(انقطع عمله)
قال النبي عليه الصلاة والسلام : (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له). رواه مسلم. وهذا يدل أن الميت لا يستطيع أن يعمل بنصائح الحي عند قبره ولا الاستجابة له لأنه قد انقطع عمله.