عرض مشاركة واحدة
قديم 05-19-09, 09:07 AM   #28
ღ..صاحب السمو..ღ‏
كوفي متألق


الصورة الرمزية ღ..صاحب السمو..ღ‏
ღ..صاحب السمو..ღ‏ غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 846
 تاريخ التسجيل :  May 2009
 المشاركات : 815 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: }}{{ السيرة النبوية }}{{ كاملة ــ بدءًا من مولده وحتى وفاته صلى الله عليه وسلم



*دور المنافقين في غزوة بني المصطلق‏ :

ولما كانت غزوة بني المصطلق وخرج فيها المنافقون مثلوا قوله تعالى‏:‏ ‏{‏لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 47‏]‏ فقد وجدوا متنفسين للتنفس بالشر، فأثاروا الارتباك الشديد في صفوف المسلمين، والدعاية الشنيعة ضد النبي صلى الله عليه وسلم، وهاك بعض التفصيل عنها‏:‏

1 ـ قول المنافقين‏:‏ ‏[‏لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل‏]‏

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفراغ من الغزوة مقيماً على المُرَيْسِيع، ووردت واردة الناس، ومع عمر بن الخطاب أجير يقال له‏:‏ جَهْجَاه الغفاري، فازدحم هو وسِنَان بن وَبَر الجهني على الماء فاقتتلا، فصرخ الجهني‏:‏ يا معشر الأنصار، وصرخ جهجاه‏:‏ يا معشر المهاجرين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أبدعوي الجاهلية وأنا بين أظهركم‏؟‏ دعوها فإنها مُنْتِنَة‏)‏، وبلغ ذلك عبد الله بن أبي بن سلول فغضب ـ وعنده رهط من قومه، فيهم زيد بن أرقم غلام حدث ـ وقال‏:‏ أو قد فعلوها، قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا، والله ما نحن وهم إلا كما قال الأول‏:‏ سَمِّنْ كَلْبَكَ يَأكُلْكَ، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، ثم أقبل على من حضره فقال لهم‏:‏ هذا ما فعلتم بأنفسكم، أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير داركم‏.‏

فأخبر زيد بن أرقم عمه بالخبر، فأخبر عمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عمر، فقال عمر‏:‏ مُرْ عَبَّاد بن بشر فليقتله‏.‏ فقال‏:‏ ‏(‏فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه‏؟‏ لا ولكن أَذِّنْ بالرحيل‏)‏، وذلك في ساعة لم يكن يرتحل فيها، فارتحل الناس، فلقيه أسيد بن حضير فحياه، وقال‏:‏ لقد رحت في ساعة منكرة‏؟‏ فقال له‏:‏ ‏(‏أو ما بلغك ما قال صاحبكم‏؟‏‏)‏ يريد ابن أبي، فقال‏:‏ وما قال‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل‏)‏، قال‏:‏ فأنت يا رسول الله، تخرجه منها إن شئت، هو والله الذليل وأنت العزيز، ثم قال‏:‏ يا رسول الله، ارفق به، فوالله لقد جاءنا الله بك، وإن قومه لينظمون له الخَرَز ليتوجوه، فإنه يري أنك استلبته ملكاً‏.‏

ثم مشي بالناس يومهم ذلك حتى أمسي، وليلتهم حتى أصبح، وصَدْر يومهم ذلك حتى آذتهم الشمس، ثم نزل بالناس، فلم يلبثوا أن وجدوا مَـسَّ الأرض فوقعوا نياماً‏.‏ فعل ذلك ليشغل الناس عن الحديث‏.‏

أما ابن أبي فلما علم أن زيد بن أرقم بلغ الخبر جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحلف بالله ما قلت ما قال، ولا تكلمت به، فقال من حضر من الأنصار‏:‏ يا رسول الله عسي أن يكون الغلام قد أوهم في حديثه، ولم يحفظ ما قال الرجل‏.‏ فصدقه، قال زيد‏:‏ فأصابني هَمٌّ لم يصبني مثله قط، فجلست في بيتي، فأنزل الله‏:‏ ‏{‏إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا‏}‏ إلى ‏{‏لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ‏}‏ ‏[‏المنافقون‏:‏ 1 ـ 8‏]‏، فأرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأها علي‏.‏ ثم قال‏:‏ ‏(‏إن الله قد صدقك‏)‏‏.‏

وكان ابن هذا المنافق ـ وهو عبد الله بن عبد الله بن أبي ـ رجلاً صالحاً من الصحابة الأخيار، فتبرأ من أبيه، ووقف له على باب المدينة، واستل سيفه، فلما جاء ابن أبي قال له‏:‏ والله لا تجوز من هاهنا حتى يأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه العزيز وأنت الذليل، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم أذن له فخلي سبيله، وكان قد قال عبد الله ابن عبد الله بن أبي‏:‏ يا رسول الله، إن أردت قتله فمرني بذلك، فأنا والله أحمل إليك رأسه‏.‏

2 ـ حديث الإفك‏‏

وفي هذه الغزوة كانت قصة الإفك، وملخصها‏:‏ أن عائشة رضي الله عنها كانت قد خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه في هذه الغزوة بقرعة أصابتها، وكانت تلك عادته مع نسائه، فلما رجعوا من الغزوة نزلوا في بعض المنازل، فخرجت عائشة لحاجتها، ففقدت عقداً لأختها كانت أعارتها إياه، فرجعت تلتمسه في الموضع الذي فقدته فيه في وقتها، فجاء النفر الذين كانوا يرحلون هَوْدَجَها فظنوها فيه فحملوا الهودج، ولا ينكرون خِفَّتَه؛ لأنها رضي الله عنها كانت فَتِيَّةَ السن لم يَغْشَهَا اللحم الذي كان يثقلها، وأيضاً فإن النفر لما تساعدوا على حمل الهودج لم ينكروا خفته، ولو كان الذي حمله واحداً أو اثنين لم يخف عليهما الحال، فرجعت عائشة إلى منازلهم، وقد أصابت العقد، فإذا ليس به داع ولا مجيب، فقعدت في المنزل، وظنت أنهم سيفقدونها فيرجعون في طلبها، والله غالب على أمره، يدبر الأمر من فوق عرشه كما يشاء، فغلبتها عيناها، فنامت، فلم تستيقظ إلا بقول صفوان بن المُعَطَّل‏:‏ إنا لله وإنا إليه راجعون، زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ وكان صفوان قد عَرَس في أخريات الجيش ؛ لأنه كان كثير النوم، فلما رآها عرفها، وكان يراها قبل نزول الحجاب، فاسترجع وأناخ راحلته، فقربها إليها، فركبتها، وما كلمها كلمة واحدة، ولم تسمع منه إلا استرجاعه، ثم سار بها يقودها، حتى قدم بها، وقد نزل الجيش في نحر الظهيرة، فلما رأي ذلك الناس تكلم كل منهم بشاكلته، وما يليق به، ووجد الخبيث عدو الله ابن أبي متنفساً، فتنفس من كرب النفاق والحسد الذي بين ضلوعه، فجعل يستحكي الإفك، ويستوشيه، ويشيعه، ويذيعه، ويجمعه ويفرقه، وكان أصحابه يتقربون به إليه، فلما قدموا المدينة أفاض أهل الإفك في الحديث، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت لايتكلم، ثم استشار أصحابه ـ لما استلبث الوحي طويلاً ـ في فراقها، فأشار عليه علي رضي الله عنه أن يفارقها، ويأخذ غيرها، تلويحاً لاتصريحاً، وأشار عليه أسامة وغيره بإمساكها، وألا يلتفت إلى كلام الأعداء‏.‏ فقام على المنبر يستعذر من عبد الله ابن أبي، فأظهر أسيد بن حضير سيد الأوس رغبته في قتله فأخذت سعد بن عبادة ـ سيد الخزرج، وهي قبيلة ابن أبي ـ الحمية القبلية، فجري بينهما كلام تثاور له الحيان، فخفضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سكتوا وسكت‏.‏

أما عائشة فلما رجعت مرضت شهراً، وهي لاتعلم عن حديث الإفك شيئاً، سوي أنها كانت لا تعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كانت تعرفه حين تشتكي، فلما نَقِهَتْ خرجت مع أم مِسْطَح إلى البَرَاز ليلاً، فعثرت أم مسطح في مِرْطِها، فدعت على ابنها، فاستنكرت ذلك عائشة منها، فأخبرتها الخبر، فرجعت عائشة واستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لتأتي أبويها وتستيقن الخبر، ثم أتتهما بعد الإذن حتى عرفت جلية الأمر، فجعلت تبكي، فبكت ليلتين ويوماً، لم تكن تكتحل بنوم، ولا يرقأ لها دمع، حتى ظنت أن البكاء فالق كبدها، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فتشهد وقال‏:‏ ‏(‏أما بعد يا عائشة، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه، ثم تاب إلى الله تاب الله عليه‏)‏‏.‏

وحينئذ قَلَص دمعها، وقالت لكل من أبويها أن يجيبا، فلم يدريا ما يقولان‏.‏ فقالت‏:‏ والله لقد علمت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم، وصدقتم به، فلئن قلت لكم‏:‏ إني بريئة ـ والله يعلم أني بريئة ـ لا تصدقونني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر ـ والله يعلم أني منه بريئة ـ لتُصَدِّقنِّي، والله ما أجد لي ولكم مثلاً إلا قول أبي يوسف، قال‏:‏ ‏{‏فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ‏}‏ ‏[‏يوسف‏:‏ 18‏]‏‏.‏

ثم تحولت واضطجعت، ونزل الوحي ساعته، فَسُرِّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك‏.‏ فكانت أول كلمة تكلم بها‏:‏ ‏(‏يا عائشة، أما الله فقد برأك‏)‏، فقالت لها أمها‏:‏ قومي إليه‏.‏‏.‏ فقالت عائشة ـ إدلالاً ببراءة ساحتها، وثقة بمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ والله لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا الله‏.‏

والذي أنزله الله بشأن الإفك هو قوله تعالي‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ ‏[‏ النور‏:‏ 11: 20‏]‏‏.‏ العشر الآيات‏.‏

ثم تحولت واضطجعت، ونزل الوحي ساعته، فَسُرِّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك، فكانت أول كلمة تكلم بها‏:‏ ‏(‏يا عائشة، أما الله فقد برأك‏)‏، فقالت لها أمها‏:‏ قومي إليه‏.‏ فقالت عائشة ـ إدلالاً ببراءة ساحتها، وثقة بمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ والله لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا الله‏.‏

والذي أنزله الله بشأن الإفك هو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ العشر الآيات ‏[‏النور‏:‏ 11: 20‏]‏‏.‏

وجُلِد من أهل الإفك مِسْطَح بن أثاثة، وحسان بن ثابت، وحَمْنَة بنت جحش، جلدوا ثمانين ثمانين، ولم يُحَدّ الخبيث عبد الله بن أبي مع أنه رأس أهل الإفك، والذي تولي كبره ؛ إما لأن الحدود تخفيف لأهلها، وقد وعده الله بالعذاب العظيم في الآخرة، وإما للمصلحة التي ترك لأجلها قتله‏.‏

وهكذا وبعد شهر أقشعت سحابة الشك والارتياب والقلق والاضطراب عن جو المدينة، وافتضح رأس المنافقين افتضاحاً لم يستطع أن يرفع رأسه بعد ذلك، قال ابن إسحاق‏:‏ وجعل بعد ذلك إذا أحدث الحدث كان قومه هم الذين يعاتبونه ويأخذونه ويعنفونه‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر‏:‏ ‏(‏كيف ترى يا عمر‏؟‏ أما والله لوقتلته يوم قلت لي‏:‏ اقتله، لأرعدت له آنف، ولو أمرتها اليوم بقتله لقتلته‏)‏‏.‏ قال عمر‏:‏ قد والله علمتُ، لأمْر رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم بركة من أمري‏









*البعوث والسرايا بعد غزوة المُرَيْسِيع :

1 ـ سرية عبد الرحمن بن عوف إلى ديار بني xxx بدَوْمَة الجَنْدَل، في شعبان سنة 6 هـ‏.‏ أقعده رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه وعممه بيده، وأوصاه بأحسن الأمور في الحرب، وقال له‏:‏ ‏(‏إن أطاعوك فتزوج ابنة ملكهم‏)‏، فمكث عبد الرحمن بن عوف ثلاثة أيام يدعوهم إلى الإسلام، فأسلم القوم وتزوج عبد الرحمن تُمَاضِر بنت الأصبغ، وهي أم أبي سلمة، وكان أبوها رأسهم وملكهم‏.‏

2 ـ سرية على بن أبي طالب إلى بني سعد بن بكر بفَدَك، في شعبان سنة 6 هـ‏.‏ وذلك أنه بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بها جمعاً يريدون أن يمدوا اليهود‏.‏ فبعث إليهم علياً في مائتي رجل، وكان يسير الليل ويكمن النهار، فأصاب عيناً لهم، فأقر أنهم بعثوه إلى خيبر يعرضون عليهم نصرتهم على أن يجعلوا لهم تمر خيبر‏.‏ ودل العين على موضع تجمع بني سعد، فأغار عليهم علي، فأخذ خمسمائة بعير وألفي شاة، وهربت بنو سعد بالظُّعنُ، وكان رئيسهم وَبَر بن عُلَيْم‏.‏

3 ـ سرية أبي بكر الصديق أو زيد بن حارثة إلى وادي القري، في رمضان سنة 6هـ‏.‏ كان بطن من فَزَارة يريد اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق‏.‏ قال سَلَمَة بن الأكْوَع‏:‏ وخرجت معه حتى إذا صلينا الصبح أمرنا فشننا الغارة، فوردنا الماء، فقتل أبو بكر من قتل، ورأيت طائفة وفيهم الذراري، فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل فأدركتهم، ورميت بسهم بينهم وبين الجبل، فلما رأوا السهم وقفوا، وفيهم امرأة هي أم قِرْفَة، عليها قَشْعٌ من أدِيم، معها ابنتها من أحسن العرب، فجئت بهم أسوقهم إلى أبي بكر، فنفلني أبو بكر ابنتها، فلم أكشف لها ثوبا، وقد سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم بنت أم قِرْفَة، فبعث بها إلى مكة، وفدي بها أسري من المسلمين هناك‏.‏

وكانت أم قرفة شيطانة تحاول اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم، وجهزت ثلاثين فارساً من أهل بيتها لذلك، فلاقت جزاءها، وقتل الثلاثون‏.‏

4 ـ سرية كُرْز بن جابر الفهري إلى العُرَنِيِّين، في شوال سنة 6 هـ، وذلك أن رهطاً من عُكَل وعُرَينَة أظهروا الإسلام، وأقاموا بالمدينة فاستوخموها، فبعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذود في المراعي، وأمرهم أن يشربوا من ألبانها وأبوالها، فلما صحوا قتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستاقوا الإبل، وكفروا بعد إسلامهم، فبعث في طلبهم كرزاً الفهري في عشرين من الصحابة، ودعا على العرنيين‏:‏ ‏(‏اللّهم أعم عليهم الطريق، واجعلها عليهم أضيق من مَسَك‏)‏، فعمي الله عليهم السبيل فأدركوا، فقطعت أيديهم وأرجلهم، وسَمُلَتْ أعينهم، جزاء وقصاصاً بما فعلوا، ثم تركوا في ناحية الحرة حتى ماتوا ، وحديثهم في الصحيح عن أنس‏.‏

ويذكر أهل السير بعد ذلك سرية عمرو بن أمية الضَّمْرِي مع سلمة بن أبي سلمة، في شوال سنة 6 هـ‏.‏ أنه ذهب إلى مكة لاغتيال أبي سفيان ؛ لأن أبا سفيان كان أرسل أعرابياً لاغتيال النبي صلى الله عليه وسلم، بيد أن المبعوثين لم ينجحا في الاغتيال، لاهذا، ولا ذاك‏.‏ ويذكرون أن عمرا قتل في الطريق ثلاثة رجال، ويقولون‏:‏ إن عمرا أخذ جثة الشهيد خُبَيْب في هذا السفر، والمعروف أن خبيباً استشهد بعد الرَّجِيع بأيام أو أشهر، ووقعة الرجيع كانت في صفر سنة 4 هـ، فلا أدري هل اختلط السفران على أهل السير، أو كان الأمران في سفر واحد في السنة الرابعة، وقد أنكر العلامة المنصورفوري أن تكون هذه السرية سرية حرب أو مناوشة‏.‏ والله أعلم‏.‏

هذه هي السرايا والغزوات بعد الأحزاب، وبني قريظة، لم يجر في واحدة منها قتال مرير، وإنما وقعت فيما وقعت مصادمة خفيفة، فليست هذه البعوث إلا دوريات استطلاعية، أو تحركات تأديبية ؛ لإرهاب الأعراب والأعداء الذين لم يستكينوا بعد‏.‏ ويظهر بعد التأمل في الظروف أن مجري الأيام كان قد أخذ في التطور بعد غزوة الأحزاب، وأن أعداء الإسلام كانت معنوياتهم في انهيار متواصل، ولم يكن بقي لهم أمل في نجاح كسر الدعوة الإسلامية وخَضْد شوكتها، إلا أن هذا التطور ظهر جلياً بصلح الحديبية، فلم تكن الهدنة إلا الاعتراف بقوة الإسلام، والتسجيل على بقائها في ربوع الجزيرة العربية‏.








يتبع