12-07-10, 12:46 AM
|
|
أحكام الشتاء.. وصية عمر الشتوية : كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا حضر الشتاء تعاهدهم وكتب لهم بالوصية : إن الشتاء قد حضر، وهو عدو فتأهبوا له أهبته من الصوف والخفاف والجوارب ، واتخذوا الصوف شعارًا ( الملابس الداخلية ) ودثارًا ( الملابس الخارجية ) ، فإن البرد عدو سريع دخوله بعيد خروجه . غنيمة العابدين وربيع المؤمنين : عن عمر رضي الله عنه قال : الشتاء غنيمة العابدين . رواه أبو نعيم بإسناد صحيح . قال ابن رجب : إنما كان الشتاء ربيع المؤمن لأنه يرتع في بساتين الطاعات ويسرح في ميادين العبادات وينزه قلبه في رياض الأعمال الميسرة فيه . ومن كلام يحيى بن معاذ : الليل طويل فلا تقصره بمنامك ، والإسلام نقي فلا تدنسه بآثامك . و عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : مرحبًا بالشتاء ، تنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام ويقصر فيه النهار للصيام. ومن درر كلام الحسن البصري قال : نعم زمان المؤمن الشتاء ليله طويل يقومه ، ونهاره قصير يصومه . وعن عبيد بن عمير رحمه الله أنه كان إذا جاء الشتاء قال : يا أهل القرآن! طال ليلكم لقراءتكم فاقرؤوا ، وقصر النهار لصيامكم فصوموا الغنيمة الباردة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة ) رواه أحمد وحسنه الألباني . قال الخطابي : الغنيمة الباردة أي السهلة ولأن حرارة العطش لا تنال الصائم فيه . قال ابن رجب : معنى أنها غنيمة باردة أنها حصلت بغير قتال ولا تعب ولا مشقة ، فصاحبها يحوز هذه الغنيمة بغير كلفة .فحري بك اقتناص هذه الغنيمة لاسيما في الأيام الفاضلة مثل الاثنين والخميس أو الأيام البيض ونحو ذلك . نفس الشتاء : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اشتكت النار إلى ربها فقالت : يارب أكل بعضي بعضًا فأذن لي بنفسين ، نفس في الشتاء ونفس في الصيف ، فهو أشد ما تجدون من الحر ، وأشد ما تجدون من الزمهرير ) متفق عليه ، والمراد بالزمهرير شدة البرد . قال ابن رجب : فإن شدة برد الدنيا يذكر بزمهرير جهنم . وهذا ما يوجب الخوف والاستعاذة منها ، فأهل الإيمان كل ما هنا من نعيم وجحيم يذكرهم بما هناك من النعيم والجحيم حتى وإن شعر القوم بالبرد القارس فيدفعهم هذا إلى تذكر زمهرير جهنم ، ويوجب لهم الاستعاذة منها ، ويذكرهم بالجنة التي يصف الله عز وجل أهلها فيقول عزوجل [مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً] (الإنسان 13 ) قال ابن رجب : فنفى عنهم شدة الحر والبرد . قال قتادة : علم الله أن شدة الحر تؤذي وشدة البرد تؤذي فوقاهم أذاهما جميعا . فيدفعهم هذا إلى النصب وإلى التهجد فكل ما في الدنيا يذكرهم بالآخرة . إسباغ الوضوء على المكارة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ؟ قالوا بلى يا رسول الله . قال : إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذالكم الرباط ) رواه مسلم . قال القاضي عياض : وإسباغ الوضوء تمامه ، والمكاره تكون بشدة البرد وألم الجسم ونحوه . قال ابن رجب : فإن شدة البرد لدينا يذكر بزمهرير جهنم ، فملاحظة هذا الألم الموعود يهون الإحساس بألم برد الماء . مسألة : قال الشيخ ابن عثيمين عن بعض المصلين : لا يحسرون - أي يرفعون - أكمامهم عند غسل اليدين حسرًا كاملاً ، وهذا يؤدي إلى أن يتركوا شيئًا من الذراع بلا غسل وهو محرم ، والوضوء معه غير صحيح ، فالواجب أن يحسر كمه إلى ما وراء المرفق مع اليد لأنه من فروض الوضوء . مسألة : لا بأس بتسخين الماء للوضوء ، قال ابن المنذر : الماء المسخن داخل في جملة المياه التي أمر الناس أن يتطهروا بها . الأوسط 1/250 . وقال الأبي في إكمال المعلم 2/54 : تسخين الماء لدفع برده ليقوي على العبادة لا يمنع من حصول الثواب المذكور .فلا إفراط ولا تفريط والشرع لم يتعبدنا بالمشاق التبكير عند شدة البرد : عن أنس رضي الله عنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد يبكر بالصلاة ، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة ) رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني قال المناوي عن التبكير : أي بصلاة الظهر يعني صلاها في أول وقتها وكل من أسرع إلى شيء فقد بكر إليه قال ابن قدامة في المغني : ولا نعلم في استحباب تعجيل الظهر من غير الحر والغيم خلافا . قال الترمذي : وهو الذي اختاره أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم : لأن المقصود من الصلاة الخشوع والحضور وشدة البرد والحر مما يشغل المصلي . |